الملحق الثقافي-عبد الرحمن دبشه:
وكما النهر يجد طريقه بين الوديان، نحن نجد طريقنا في حكايا الأماكن والوجوه، إلى أن يحين موعد الوداع، حيث الأحرف تقف عاجزة عن وداع مسكون بالوعود.
نفترق على أمل لقاءٍ موعود تلتحم فيه القلوب مرة أخرى في خضم هذا العالم المترامي، فكل حديقة من الكلمات التي زرعناها اليوم، ستُزهر في لقائنا القادم، وتتفتق عن ألف حكاية.
تلك الحياة التي غالبًا ما تدور حول مصالح وهموم ذاتية، وكأنها لعبة شطرنج ضخمة نحاول فيها كل يوم أن نحمي ملوكنا الخفية دون أن نعرف حقًا لماذا.
قدّت خطاي إلى نافذة غرفتي، حيث القمر يبدو كمنارة تحدق في بحرٍ من الظلمة، يبعث النور ولكنه لا يبدد السواد.
وقفت هناك، أعيد النظر في سماء الليل، والأفكار تتهادى في ذهني، لو أن ماسا تعلم ما يجري بداخلي، هل ستفكر بمثل ما أفكر؟ هل ستشعر بذرات العاطفة التي تخالط نبضي؟.
من هنا، مع كل صفحة تُقلب، وكل كلمة تُسطر، نعود لنجمع شتات قصتنا؛ نعود إلى أين بدأت هذه الحكاية، إلى بداياتها الأولى, نستعيد روايتنا من الصدى الذي انطلق بها صوت الوجود حتى الآن، لنبحر عبر الزمن، نصحبكم في متاهة الماضي والحاضر، حيث تتشابك خيوط القدر مع نسيج القصص.
تتعانق الأحداث والأسرار، وتتجلى العبر في جمالها وقسوتها، سنعانق الأيام التي حملت في طياتها وعود الإخلاص والتحديات التي شكلت منا ما نحن عليه اليوم.
عبر كل سطر وبين كل كلمة، سنرى كيف تتفتح الأرواح، كيف تبزغ الأماني من رماد اليأس، وكيف يُعاد سرد الحكاية بأصداء جديدة، لتنفض عن نفسها غبار النسيان. نقف على مشارف زمن جديد، حيث المصائر تُكتب والأحلام تُرسم بأنامل من أمل.
مع كل طيف يمر، مع كل لمحة من الزمان، نلملم تفاصيل هذه الرواية، فتشدو الحروف بملحمة لا تُنسى، تصدح بالحق والعدل.
فما بدأ كومضة فكرة، تتسع اليوم لتحتل مساحات الوجدان، قصةً متجددةً، وطودًا شامخًا في ملحمة الحياة.
العدد 1203 –3 -9 -2024