د. جورج جبور:
دعيت أواخر آب 2001 باسم وزير الخارجية إلى المشاركة في مؤتمر دربان لمناهضة العنصرية، قيل لي: نظراً لمتابعتك موضوع العنصرية فقد رؤي أن تكون مستشاراً للوفد.
كنت منذ سنوات أتمتع بلقب “رئيس الجمعية العربية لمناهضة العنصرية”، وكانت تحت التأسيس، ثم لم تؤسس، ومن وجهة نظري فإن أبرز ما جرى في المؤتمر هو الحديث عن حلف الفضول في كلمة وزير خارجيتنا، كنت ألححت عليه، قبيل قبولي الدعوة، في لقائي الثنائي معه، على هذا الأمر الذي أثرته.
أما من وجهة نظر العالم ومن ضمنه عالم العرب والمسلمين والعالم الثالث بوجه عام، وأنا منهم بطبيعة الحال، فقد كان المؤتمر أهم أو من أهم المؤتمرات في التاريخ، هو أول وأهم محاولة عالمية كبرى لإضعاف العنصرية، مشاعر وتطبيقات.
ويبقى صحيحاً أنه لم يبلغ غايته في عدة أمور جوهرية، لكنه ثبت في الأذهان أنه مناهض لما يراه الغرب في نفسه من تفوق.
شعر ضحايا التفوق الغربي – أو الغربستاني، حسب تعبير جميل لصديق محترم، شعروا بالقدرة على المجابهة، شعروا بالتمكن من صياغة تاريخ جديد للعالم.
ولم تطل سعادتهم بما أنجزوا، كانت “موقعة” 11 أيلول بعد مدة قصيرة من دربان، وقع الإنجاز “الدرباني” على الأرض، إنجاز أساسه عمل سلمي، وقع ضحية عمل إرهابي بني عليه عمل عسكري ، بن لادن وبوش، إرهابيان متناقضان بل هما متحالفان، أم هما لا هذا ولا ذاك؟ لن نكون لدينا وثائق تثبت على نحو قاطع، إلا أن الحاجة كبرى إلى دربان جديد.
بل لعل الجديد هو معنا، يكمل الجديد الذي معنا عامه الأول في تشرين أول القادم. قيل: ثمة حزب في النمسا اسمه غزة. أقول: بل كل عالمنا غزة. وانتظر بفارغ الصبر ما ستقوم به رئاسة المحكمة الجنائية الدولية بشأن مذكرات التوقيف.
بعد 23 عاماً هما معاً: دربان و 11 أيلول، وهما مع غزة هاشم وغزة النمسا، وغزة جامعات الغرب، وتلك الغزة في ضمير النائب العام المحكمة الجنائية الدولية التي تدفعه إلى الإصرار على إصدار مذكرة توقيف رئيس وزراء كيان احتلالي ولد من رحم المنظمات الدولية التي ولدت من مواثيق ادعت أنها كتبت لكي لا يكون هناك احتلال.
* مؤسس الرابطة السورية للأمم المتحدة ورئيسها لمدة 18 عاماً ومستشار الوفد الرسمي السوري إلى دربان.
