هفاف ميهوب
في مقدمة كتابها «لياقات الكاتب»، تشير الكاتبة والمحرّرة الأدبية الأميركية «دوروثي براندي» إلى الأهمية الكبيرة للرواياتِ والقصصِ القصيرة في حياتنا، وإلى أن تأثير أيّ كتابٍ واسع الانتشار، أمرٌ لا يمكننا تجاهله، وسواء كان مبتذلاً ولا يحمل أيّ أفكار تُغني عقولنا وترتقي بوجودنا، أو مُتقناً وقادراً على جعلنا مدينين بالامتنان لمن يكتبه..إنه ما مهّدت به لكتابٍ، ذكرت بأنه وليد تجاربها المتعدّدة مع الكتابة، وقراءاتها المتنوعّة للكتبِ.
كتابٌ طرحت فيه رؤاها وأفكارها، حول الصعوبات والتحدّيات التي تواجه الكتّاب الجُدد، ومنها المزاج المتقلّب للكاتب، وحالات اليأس التي قد تنتابه، مثلما أحلام اليقظة التي تتراءى له، وكذلك محاكاته لقارئه، ومن ثمّ استراحته.. طرحت هذه الأفكار، معلنة بأن هدفها تقديم وصفةٍ سحرية، لبناءِ شخصية الكاتب المبتدئ في الكتابة الإبداعية.. أيضاً، تعليم معنى أن يكون المرء كاتباً قادراً على تغيير نظرة القارئ، إلى الكتب الموجودة على رفوف مكتبته، وإلى آلية الأدب بعد تعلّمه.
إذاً، هدف «براندي» من كتابها، تشجيع كلّ من يرغب بالكتابة: «اكتب حتى تشعر بأنك قد أفرغتَ نفسك من الكلمات».. أما عن أهم النصائح التي قدّمتها لهؤلاءِ الكتّاب، فهي تفهّمهم لثنائيةِ الشخصيّة التي يكونون عليها، وجعل كلّ شخصية من الشخصيّتين، تنسجم مع الأخرى وتتكامل معها..تقدّم تمارين وحلولاً، يتعلّق أغلبها بفكرةِ كتابة ما ينتمي للكتابة الإبداعية، لا الكتابة العامة والسطحية.. أيضاً، ما يربط بين الوعي واللاوعي، ويستلهم منهما الأفكار والمعاني.
أكثر ما ركّزت عليه «براندي» في كتابها، الحديث عن أهمية القراءة التي اعتبرتها، مخزوناً يمدُّ الكتابة بمقوماتٍ دافعة وملهمة، وليس لمرّةٍ واحدة، بل لمرّتين أحدهما للقراءة، والأخرى للتدقيق في المضمون والأسلوب واللغة.
باختصار: الكتاب عبارة عن أفكارٍ تشجيعية، أرادت الكاتبة من تقديمها، مساعدة كلّ من يفكّر بالكتابة، في تجاوز كلّ الصعوبات التي تمنعه من بناءِ شخصيّته الإبداعية.. فعلت ذلك عبرَ تقديمها لنصائحٍ، تمهّد طريق الكاتب وتدعوه للامتلاء بالكلمات، مثلما للتسلّح بالعقل اليقظ، والرغبة في التعلّم والتقيّد بالإرشادات:»يجبُ ان يحتوي الجزء الاكبر من مكتبتك، على الاعمال الكلاسيكية، وحاول ان تقلّص ما أمكنك، من الكتب المعاصرة، اي التي كُتبت في اخر عشرين سنة، وتاكّد انه كلّما باعدت بينك وبين الموضات المعاصرة، كلّما قوّيت مناعتك ضدها، واستطعت ان تكتب باصالةٍ وصدقٍ دون محاكاة»…