الثورة – المحرر السياسي:
منذ العدوان الإسرائيلي على غزة وتالياً العدوان على لبنان وحتى اليوم تؤكد المعطيات على أرض الواقع أن الكيان الإسرائيلي تلقى ضربات قوية من محور المقاومة وأثبتت الوقائع على الأرض أن ما يروج له مجرد أساطير، وأولها قبته الحديدية التي فشلت في صد صواريخ المقاومة على أكثر من محور.
وإذا نظرنا إلى عملية “الوعد الصادق” التي قامت بها الجمهورية الإسلامية في إيران مؤخراً من خلال قصف الكيان بالصواريخ البالستية رداً على اغتيال الشهيدين نصرالله وهنية ورداً على جرائم الكيان لوجدنا أن العملية لا تقدم مجرد دروس لمن يتابع ويحلل، بل تضع استراتيجيات جديدة في سياق الحرب الدائرة.
فعلى عكس “الوعد الصادق 1″، جاءت “الوعد الصادق 2” برسالة واضحة لا تقبل التأويل، وهي أن محور المقاومة يتبنى قواعد جديدة للصراع، ما يجعله لاعباً رئيسياً في صياغة مستقبل المنطقة، فالعملية لم تكن مجرد ضربة عسكرية، بل كانت تحدياً علنياً للنظامين الإسرائيلي والغربي، وإذا كانت عملية 7 تشرين أول في غزة قد شكلت هزيمة استخباراتية للنظام الصهيوني، فإن “الوعد الصادق 2” مثلت هزيمة عسكرية كبرى لقبة الكيان الحديدية مع فشل واضح في اعتراض الصواريخ الإيرانية.
ففي ليلة العملية، سقطت الأسطورة التي طالما روجت لها “إسرائيل” بشأن “القبة الحديدية”، فضربات الصواريخ الإيرانية اخترقت هذه المنظومة الدفاعية، ما كشف عن ضعف لم يكن متوقعاً لدى الكثير من المحللين العسكريين، فالنظام الصهيوني تلقى ضربة تتجاوز بكثير تقديرات الخبراء الغربيين، وهذا يعني أن الصراع لم يعد في نطاق التوقعات التقليدية.
اليوم الكثير من المحللين يؤكدون أن المستقبل الآن يعتمد بشكل كبير على مستوى رد كيان الاحتلال، وهو ما سيحدد اتجاه الحرب، سواء من خلال تصعيد الصراع في لبنان أو إيران، أو كليهما، والجميع، سواء من الداخل أو الخارج، بات يدرك أن لا مجال للاستهانة بعملية “الوعد الصادق 2″، والخوف بات واضحاً في كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه.
لا بل إن العديد من دول العالم باتت تدرك أنه بعد استشهاد هنية في طهران وعباس نيلافروشان في بيروت إلى جانب السيد حسن نصر الله فقد بات من حق إيران الطبيعي الرد على كيان الاحتلال، وهو خسارة سياسية للكيان، وحتى من وجهة نظر القانون الدولي، لم يعد بالإمكان إدانة إيران على ردها الانتقامي لأن النظام الصهيوني تجاوز كل الحدود باعتدائه المباشر على إيران في بيروت وطهران، فهذا الهجوم يعطي إيران مبرراً قانونياً وسياسياً واضحاً للتصرف.
الاحتفالات في عواصم مختلفة بهزيمة إسرائيل ليست مجرد دعم عاطفي، بل تعكس توافقاً واسعاً على أن إيران ليست وحدها في هذا الهجوم، بل تمثل قيادة طبيعية لمحور المقاومة، الذي يسعى لاستعادة الحقوق وتحقيق العدالة.
ورغم أن إيران أطلقت 200 صاروخ فقط، إلا أن الخبراء قدروا العدد بما يتجاوز 300، مع نسبة نجاح تجاوزت 90% في إصابة الأهداف الاستراتيجية، هذا النجاح لم يترك مجالاً للشك في قوة إيران وضعف الدفاعات الإسرائيلية، وهو ما جعل من النظام الصهيوني أمام تحدٍ حقيقي غير مسبوق.
ومن الواضح أن إيران لم تتجاوز خطابها السلمي على المستوى الدولي وأظهرت التزاماً طويلاً بالصبر والتحفظ، لكن حكومة الاحتلال لم تترك لها خياراً سوى الرد، وقد استهدفت المناطق العسكرية فقط، ما يدل على التركيز العالي والتخطيط الاستراتيجي، في حين أن النظام الصهيوني ما زال يخشى من أي رد على الهجوم.