الثورة- راغب العطيه:
منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية قبل ثلاثة عشر عاماً، عملت الحكومة بكل ما لديها من إمكانيات على تأمين كافة متطلبات عودة السوريين الذين هجرتهم التنظيمات الإرهابية من مدنهم وبلداتهم وقراهم خلال تلك السنين السوداء، وفي مقدمة هذه المتطلبات هو إزالة الهواجس الأمنية التي تتملك الكثير من المهجرين، فكانت مراسيم العفو العامة والشاملة أصدق بيان من قبل الدولة السورية في هذا الإطار.
ولكن الدول الداعمة للإرهاب والمعادية لسورية تعمل على كافة المستويات في تسييس هذا الملف الإنساني، وحولت قضية المهجرين إلى ورقة سياسية للمساومة والابتزاز، واضعة العصي في عجلات أي انفراجة قد تحصل هنا أو هناك بين سورية والدول الأخرى، وأبشع هذه التدخلات اللا قانونية واللا أخلاقية هو الحصار والإجراءات القسرية أحادية الجانب من قبل واشنطن وأتباعها الأوروبيين، إضافة للوجود غير الشرعي للقوات العسكرية الأميركية منها والتركية في الأراضي السورية، الأمر الذي يعد أحد أشكال الاحتلال الأجنبي، وما يتبعه من سرقة ونهب لثروات السوريين وخاصة النفط والمحاصيل الزراعية والآثارية وغيرها.
كما كان انعقاد المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين في تشرين الثاني عام 2020، والاجتماعات العديدة اللاحقة السورية الروسية المشتركة الخاصة بمتابعة أعمال هذا المؤتمر الدولي يشكل محطة مهمة لعودة كل مهجر إلى منزله وتوفير العيش الكريم له، ويأتي في سياق سياسة الحكومة الهادفة إلى إعادة المهجرين واللاجئين وتسليط الضوء على قضيتهم الإنسانية والوطنية ووضع حد لمعاناتهم خارج وطنهم الأم سورية.
وكانت أعمال التأهيل والصيانة للبنى التحتية وتأمين كافة الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحي ونقل وصحة وتعليم، تبدأ مباشرة بعد تطهير الجيش العربي السوري لهذه المناطق من الإرهاب ومخلفاته من ألغام ومواد متفجرة وغيرها مما هي خطر على المواطنين، الأمر الذي يدفع الأهالي إلى العودة مباشرة إلى منازلهم وممتلكاتهم وهم مطمئنين على حياتهم وممتلكاتهم.
وشكلت الوفود الوزارية التي تزور المحافظات بشكل متكرر، وخاصة التي عانت من الإرهاب كحلب ودير الزور والرقة وغيرها، في السنوات السابقة سمة أساسية أعطت نتائج ايجابية على حياة هذه المحافظات على كافة الأصعدة، مما ساهم بشكل واضح في تأمين متطلبات عودة المهجرين التي وضعتها الحكومة في المرتبة الأولى على سلم أولوياتها، ولكن كل هذه الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة السورية كانت تصطدم في كثير من الأوقات في سياسات التعطيل التي تمارسها إدارات البيت الأبيض المتعاقبة ومعها الحكومات الأوروبية المنخرطة في سياسة الاستثمار في معاناة المهجرين السوريين في الخارج، وذلك في إطار الضغط على سورية لتغيير مواقفها المبدئية والثابتة من قضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين.
وفي هذا السياق واصلت الحكومة عملها دون كلل أو ملل وبذلت جهوداً مكثفة ضمن الإمكانيات المتاحة لديها لتسهيل وتيسير عودة مواطنيها المهجرين إلى بلدهم ولتهيئة ظروف الحياة المناسبة، وتعاونت بشكل وثيق مع الدول الصديقة لا سيما روسيا الاتحادية و إيران و الصين، وكذلك مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية المعنية.
ولا يسعنا المقال لوضع إحصاءات هنا تبين أعمال التأهيل والبناء الجديد التي قامت بها الحكومة منذ عام 2011 إلى يومنا هذا، والتي تدخل بطبيعة الحال ضمن عملة إعادة الإعمار التي تحتاج دعم دولي كبير، لازالت دول الغرب تعطله بحجج واهية لا تمت للحقيقة بأي صلة، وهي تعري الشعارات الأميركية والأوروبية فيما يخص الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.