باحثون سياسيون لـ “الثورة”: المطلوب تعاون فعال من المنظمات الدولية لخلق البيئة الآمنة لعودة اللاجئين
الثورة – لقاء عبد الحميد غانم وريم صالح:
استنزف الاحتلال الأمريكي والتركي وأدواتهما من المجموعات الإرهابية سورية عسكرياً واقتصادياً، ونهبوا ثرواتها وفي مقدمتها النفط والمحاصيل الإستراتيجية كالقمح، وكل هذا الاستنزاف ونهب الثروات توازى مع الحصار الأمريكي والغربي الجائر على سورية ما جعلها محدودة الموارد، ولكن وبالرغم من قلة الإمكانيات سارعت سورية واحتضنت من السوريين العائدين من لبنان ومن اللبنانيين أيضاً الذين نزحوا وهجروا نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان.
صحيفة “الثورة” استطلعت آراء عدد من الباحثين والمحللين حول هذه المحاور فسلطوا الضوء عليها من جوانب عدة، وكانت الحوارات التالية.
اللواء حربا: الاحتلالان الأميركي والتركي نهبوا الموارد
بداية أكد الباحث والمحلل السياسي والعسكري اللواء سليم حربا أن وجود الاحتلال الأمريكي وعملائه والاحتلال التركي وما تبقى من المجموعات الإرهابية المسلحة في إدلب وريف حلب الشمالي استنزف سورية عسكرياً وأمنياً، والأهم اقتصاديا، لما يسببه الاحتلال بكل إشكاله من نهب ثروات وخيرات البلد لاسيما وأن منطقة الجزيرة السورية التي يسيطر عليها الأمريكي مباشرة كقوات احتلال ومداورة من خلال عملائه – ميليشيات “قسد”- تشكل سلة الثروات الاستراتيجية في سورية، وكل هذا الاستنزاف ونهب الثروات والخيرات تتوازى مع الحصار الأمريكي والغربي الجائر على سورية.
وأوضح اللواء حربا أنه ومع ذلك وبالرغم من قلة الإمكانيات سارعت سورية رسمياً وشعبياً، وبكل مسؤولية، لاحتضان مئات الآلاف من السوريين العائدين من لبنان ومن اللبنانيين أيضا الذين نزحوا وهجروا نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وأضاف بأن جوهر الانفراج الاقتصادي والمعيشي يتعلق بانسحاب وإنهاء الاحتلال الأمريكي والتركي وتحرير ما تبقى من ريفي ادلب وحلب، وهذا لا يحتاج إلى كثير من الدلائل وخاصة إذا ما استذكرنا أنه ما قبل العدوان ووجود هذه القوات البغيضة المحتلة لجزء من أراضينا كان معدل الدين العام في سورية صفرا، وكان مستوى المعيشة في سورية هو الأفضل ربما في دول الجوار على إطلاقها، ناهيك عن حالة الأمن والاستقرار التي دائما تنعش التنمية والاستثمار.
وأوضح الباحث السياسي والعسكري أن الأمر يحتاج إلى أكثر من إنهاء الاحتلال كتدابير إدارية واستثمار، لكن دائما يجب أن تزول الأسباب والسبب الرئيسي والمباشر لما نحن فيه اقتصاديا ومعيشيا هو قوات الاحتلال التي سبق وأشرنا إليها والتي عجزت عن إخضاعنا عسكريا فلجأت إلى حرب الحصار والتجويع ومحاولة منع وقطع مقومات التطوير والتنمية والاستثمار والازدهار وحتى مقومات الحياة كما يفعل الكيان الإسرائيلي في غزة.
وأشار اللواء حربا إلى انه وبإنهاء الاحتلال الأمريكي والتركي والمجموعات الإرهابية، فإن الحياة سوف تعود إلى الشكل الطبيعي والتلقائي، وهذا الأمر لا يحتاج إلى كثير من الشواهد والدلائل فإن الحالة الاقتصادية والمعيشية تتحسن حكما وهذا بالضرورة يحسن مناخات الاستثمار والازدهار، وأيضا بالضرورة وتلقائيا يحسن أولا رغبة المهجرين السوريين سواء في تركيا أو في دول الجوار في العودة إلى بلدهم، والاهم أيضا يحسن إمكانيات الدولة في زيادة الاستثمار وفرص العمل لأن كل مناخ أمني وعسكري وسياسي مستقر بالضرورة يؤدي إلى مناخ اقتصادي وحياة مزدهرة ومتطورة، ومركز جذب سواء لرؤوس الأموال على المستوى المالي أو على المستوى البشري لعودة هؤلاء كلهم إلى وطنهم، وهذا ما يتميز به السوري تاريخيا ألا وهو ارتباطه على المستوى الوجداني والعاطفي وحتى على المستوى الإيماني ببناء بلده.
وختم اللواء حربا كلامه بالقول أنه وحسب اعتقاده فإن عمر هذه الاحتلالات قصير وهذا الأمر يدفعنا إلى المزيد من المبشرات بالرغم من سوداوية المشهد، ربما ما يجري في لبنان وما يجري في غزة لكنه عاد وشدد أن جوهر ما نعانيه هو وجود قوات الاحتلال بكل أشكالها ومسمياتها و الإرهاب، ولا نستطيع الفصل على الإطلاق بين الإرهاب المتبقي بغض النظر عن مسمياته “جبهة النصرة وملحقاتها” والاحتلال الأمريكي أو التركي، فكلهم عنوان لمعنى وهدف واحد.
الخبير الشعلان: سورية أسست بنية تشريعية لتأمين المهجرين
من جانبه قال الخبير القانوني الدكتور رائق الشعلان: شكلت مراسيم العفو التي صدرت عاملاً مهما في عودة الكثير من المهجرين الذين تركوا بيوتهم وأرضهم بسبب الإرهاب الذي طال مناطقهم، وكما نعلم، صدر بين عامي 2011 – 2024 أكثر من عشرين مرسوم عفو رئاسي، وهذه المراسيم تندرج ضمن سياسة العفو المدروسة للدولة ، غايتها الأساسية المصلحة الوطنية العليا، وهذه المصلحة تتحقق من خلال جملة من الأهداف، منها: 1- معالجة ظاهرة الجريمة 2- تحقيق الاستقرار والأمان في المجتمع 3- ترسيخ روح التسامح والمصالحة الوطنية.
ونوه الشعلان بأن هذه الأهداف تنعكس بشكل عميق على تشجيع عودة المهجرين السوريين إلى ديارهم، فهؤلاء جزء لا يتجزأ من الشعب السوري دفعتهم ظروف الحرب الإرهابية إلى الهروب من بيوتهم والبحث عن أماكن آمنة داخل سورية وخارجها.
وأضاف بأنه من المفيد التأكيد على أن معالجة هذه القضية الوطنية المتمثلة بتشجيع عودة المهجرين السوريين إلى ديارهم ومساهمتهم في بناء سورية لا يتوقف فقط على إصدار مراسيم العفو بل يتطلب تعاونا دوليا فعالا من قبل المجتمع الدولي لخلق البيئة الآمنة وذلك من خلال تمكين الدولة السورية من بسط سيطرتها الفعلية على كامل ترابها وثرواتها الوطنية ورفع العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة عليها والكف عن تسيس ملف اللاجئين السوريين وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والمساهمة الجدية في برامج تمويل مشاريع إعادة الاعمار.
ولفت الخبير الشعلان بأنه بعد إصدار كل مرسوم عفو تباشر وزارة العدل والجهات القانونية والقضائية المختصة في سورية بتنفيذ مضمون المرسوم في جميع أنحاء البلاد ويستفيد منه السوريون داخل البلاد وخارجها ممن تنطبق عليهم أحكام هذا المرسوم التشريعي.