التقاعد.. نهاية مسار وبداية آخر

الثورة _ ميساء العجي:
نراهم في المقاهي الشعبية وعلى شرفات المنازل ينتظرون حفيداً، أو قريباً، أو زائراً غريباً يرمي السلام عليهم ليتبادلون معه أطراف الحديث، كذلك الحال نجدهم في الحدائق العامة يتأملون المارة ويبتسمون للداخل والخارج منها على أمل أن يعرفوا أحدهم ويقضوا وقتاً بالحديث معه.

هم بكل بساطة ألفوا هذه الأماكن وهي ألفتهم، وقد اتخذوا من بعضها مكاناً للقاءاتهم اليومية لتمضية بعض الوقت بعد حياة مهنية طويلة بحثاً عن أجواء حياتية جديدة وملء فراغ يومهم الذي يخلو من النشاطات.. هذا بالنسبة إلى الرجال المتقاعدين، أما النساء المتقاعدات فتبقى حياتهن طي كتمان حيطان المنزل، ولا تجد أي منهن صعوبة في تمضية الزمن الفارغ بعد التقاعد سوى الاهتمام بالمنزل والأسرة والأولاد والأحفاد.
أبو محمد- متقاعد، يشكو أيامه، ويقول: رغم التعب والتذمر الذي كنت أشعر بهما وأنا في وظيفتي في تلك الأيام، إلا أن حياتي كانت طبيعية أعمل وأعيل أسرتي وألتقي بأصدقائي، فيما اليوم أعيش حياة العزلة والوحدة.
(أحمد.ع) يقول كنت أعمل مهندساً، وكان يومي يضج بالحياة والنشاط وحالتنا المادية ميسورة، ولم أحسب حساب الأيام القادمة، إلى أن تقاعدت بعمر الستين وازداد الغلاء ولم يعد راتبي التقاعدي قادراً على سد الاحتياجات الضرورية لأسرتي، وهذا الأمر أسوأ شيء في نهاية الخدمة.
فيما زميله أسامة، يؤكد أنه بعد تقاعده بحث عن عمل بسيط وغير متعب كثيراً، لكنه لم يجد فقضى معظم وقته في المنزل وهو يتابع برامج التلفاز- إن وجدت الكهرباء- وإن لم توجد يلعب مع أحفاده عندما يزورونه، لكن مع مرور الزمن وجد نفسه يعاني من أمراض عدة كان أصعبها الملل وفقدان الشغف بالحياة والكآبة.
مواصلة مسيرة العمل
هذا بالنسبة إلى بعض المتقاعدين، لكننا نجد بالوقت نفسه البعض الآخر ممن يسعون للالتحاق بالعمل مجدداً بدلاً من الراحة بعد تعب سنين، ذلك من أجل إعالة أبناء مازالوا على مقاعد الدراسة أو تخرجوا ولم يجدوا عملاً، فيجد الآباء أنهم من الضروري أن يواصلوا مسيرة العمل لسنوات أخرى في مهن مختلفة لمواجهة أعباء الحياة والتكاليف المتزايدة على الأسرة.
ومن هذه الأعمال التي يمارسها بعض الرجال هي الأعمال التجارية والحرف أو المهن، مثل «السواقة» وغيرها، وقد تكون بعيدة كل البعد عن مجال اختصاصهم كحال أبو حسام، لكنه وبعد تقاعده لم يعد راتبه قادراً على تلبية متطلبات أبنائه وبناته في الجامعة، فسعى إلى العمل على تكسي أجرة كي يؤمن مصدر دخل له ولأسرته، بينما أبو طارق فقد وجد العمل في منشرة قريبة من منزله لتكون هي أيضاً مصدراً للدخل يعيل أسرته بعد الغلاء الكبير الذي طال حياتنا.
الابتعاد عن الحياة المهنية
الاختصاصية النفسية حسنا البشير تقول في لقائنا معها: إن التقاعد نظرياً يعني الابتعاد عن الحياة المهنية والأعمال المتعبة وبداية الراحة، بينما في الوقت ذاته هو بالنسبة إلى آخرين استمرار لمسيرة أخرى من العمل سواء لتأمين مستلزمات الحياة أم من أجل عدم الاستسلام لحالة اليأس التي تنتاب المتقاعد وتجعله يدخل في حالة اكتئاب قاتل.
فبعد أن يكونوا منشغلين ومنغمسين في أعمالهم وأشغالهم وحياتهم الاجتماعية يجدونها تتوقف كلها لتصبح فضاء فارغاً.
وبينت أن الانتقال من حياة ملؤها الشغف والعمل والعلاقات الاجتماعية إلى حياة لا يوجد فيها شيء إلا الانتظار، لدرجة أن البعض يجد أن الأمل مفقود بالظروف الحياتية التي نعيشها، وباتت صعبة وقاسية، والسبب الأساسي هو حالة الغلاء وضيق الحال وقلة الحيلة, مضيفةً إن سن التقاعد هو أحد أهم مؤشرات الشيخوخة النشطة والكسل، ولاسيما أن الجلوس بالمنزل له عواقبه الصحية الوخيمة، إذ تزداد فرص الإصابة بالأمراض وغيرها، لكننا بالوقت نفسه نجد هناك من يشغل وقت فراغه بوجود عائلة وأحفاد وأصدقاء، أو ممارسة أعمال وافتتاح مشاريع تجارية، فإن وظائفه الذهنية تصبح أفضل وأمراضه أقل.
لذلك فإن التخطيط للتقاعد قبل فترة يجب أن يكون مالياً وعملياً، وكذلك اجتماعي، يحاول أن يبعد نفسه وأسرته عن الاكتئاب والملل، ويسعى لملء وقته الطويل بعمل يفيده وعائلته معاً سواء اجتماعياً أم نفسياً.

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى