الثورة – تحقيق – لينا شلهوب ومريم إبراهيم:
تعلو أصوات ملائكة الرحمة، مناشدين الجهات المعنية للنظر بواقعهم المهني، وما يطالهم من إجحاف بحقهم فيما يتعلق بطبيعة العمل التي تتراوح ما بين 3% إلى 4,5%، مؤكدين أنه يتم منذ فترات تداول دراسة لمنح تعويض طبيعة عمل للممرضين بنسبة 50 %، إلا أن ذلك ما زال مجرد أقاويل يتم تناقلها كـ(إبرة تخدير) للمرضين، علماً أن الكادر التمريضي يتعرض لضغوطات بالعمل نتيجة التسرب الكبير، ما يجعل الكادر القائم على رأس عمله يبذل جهوداً كبيرة ومضاعفة وساعات عمل طويلة تصل إلى 8 ساعات يومياً، وهي لا تتناسب مع المردود المادي الذي لا يتجاوز الـ 400 ألف ليرة.
ضياع لحقوقهم
وأكد عدد من الكادر التمريضي الذي يعمل في الهيئة العامة لمستشفى دمشق “المجتهد” لـ”الثورة” أنه عندما أصبحت المستشفى هيئة مستقلة، بدأت الإدارة بتوزيع حوافز على كل عناصر المستشفى، وكل قسم له عدد نقاط، وكل نقطة يحدد لها مبلغ معين، واستمر الوضع هكذا لحين صدور إقرار المكافآت الشهرية (مكافأة طبيعة وخطورة العمل)، بما يخص فنيي وأطباء التخدير والعناية والطوارئ، واستطرد عدد من الممرضين بحديثهم مؤكدين أنه بعد إقرار المكافآت الشهرية سارعت إدارة المستشفى لإلغاء الحوافز التي هي من أرباح دخل المستشفى، وحق لكل موظف، واقتصرت على مكافأة طبيعة العمل وخطورته، إلا أنه فيما بعد، المكافأة التي كانت شهرية أصبحت شكلية فقط، حيث بات يتم الاستلام كل 3 أشهر، ثم ازدادت الفترة الزمنية لتصبح كل 6 أشهر، أما حالياً فمنذ العام الماضي وحتى الآن، لم يتم استلام المكافأة بحجة إقرار الحوافز التشجيعية، والتي ألغيت منذ فترة ولم تبصر النور.
فنيّو التّخدير: “خيار وفقوس”
فيما يعاني فنيو التخدير، من المشكلة ذاتها، ورغم كل مطالبتهم إلا أنها لم تجد نفعاً، ومازال الوضع ينتقل من سيئ إلى أسوأ، فيما أشار عدد منهم، إلى أن هذا الاختصاص في معظم المستشفيات يتقاضى المكافأة الشهرية وبوقتها كل شهر، باستثناء فنيي مستشفى المجتهد، متسائلين عن الأسباب التي تحول دون ذلك، ناهيك بما يكتنف اختصاص التخدير من مشاكل عدة، مطالبين بتخصيصهم كما غيرهم ببعض الميزات التي من شأنها أن تحفزهم على الاستمرار بعملهم في ظل الظروف الراهنة.
نقص شديد
مدير الهيئة العامة لمستشفى دمشق “المجتهد” الدكتور أحمد جميل عباس بيّن أن الظروف السائدة فرضت تحديات كثيرة، وأحدثت مشكلة سوء توزيع الكوادر التمريضية، ورغم أهمية عمل هذه الكوادر باعتبارها النسق الأول وعلى تماس مباشر مع المرضى، فهم ليس لديهم طبيعة عمل، وتمت المطالبة بزيادتها مرات عدة، لافتاً إلى المعاناة من خريجي مدارس التمريض، فكثير منهم لا يلتزمون بالخدمة في العمل بعد التخرج، ويلجؤون إلى دفع البدل النقدي المترتب على سنوات الخدمة المحددة، وقد تم توقيع مقترح طالبنا فيه بالخدمة الفعلية للممرضين، خاصة في ظل حدوث تسرب للكادر الفعلي، وبتنا نعاني من نقص شديد في تأمين الكوادر التمريضية، ولدينا حالياً 15 ممرضة تجاوزت خدماتها ٣٥ سنة، فيما تبدو مشكلة تأمين المواصلات من المشاكل الواضحة التي تعوق العمل بالنسبة للممرضين الذين يسكنون في مناطق بعيدة، ويعانون بالوصول للمستشفى، حيث يترتب عليهم أعباء مادية وجسدية كبيرة، مقارنة مع رواتبهم وتعويضاتهم غير المتناسبة مع جهدهم، وطبيعة عملهم، علماً أن المستشفى يبذل أقصى جهوده لتأمين التنقل وهناك 42 خطاً لنقل العاملين (صباحي ومسائي)، ونحاول التعامل مع الكادر بأفضل الطرق بعيداً عن أي ضغط لضمان استمرارية العمل، فأغلبية الكوادر تتجه نحو العمل بالقطاع الخاص لتحسين أوضاعهم المادية.
وأضاف الدكتور عباس: لدينا فقط ربع راتب كل ثلاثة أشهر، كتعويض طبيعة العمل، والتي لا ينالها الجميع، ولا يوجد حوافز مشجعة، حيث المعاناة كبيرة كون هذا القطاع الصحي خدمي وغير منتج، منوهاً بأنه يتم التعاون مع بعض المنظمات الأهلية والمجتمع المحلي في أحيان كثيرة لدعم المرضى فقط، ولا وسيلة مجدية لدعم الممرضين.
أما بالنسبة للوجبات الغذائية، يوجد وجبة غذائية داعمة للعاملين في قسم الأشعة، وتم رفع مذكرات للصحة والمالية بهذا الشأن.
دعوة لتفعيل العقود السنوية
وبين مدير المستشفى أنه من المهم جداً أن يكون هناك مجالات للعقود السنوية معهم واستثنائهم من المسابقة المركزية، إذ يوجد الكثير من الشباب بحاجة للعمل، ويمكن أن نفسح لهم المجال للعمل على نظام العقود، وبذلك يتم دعم الكادر الذي سينعكس عمله على نوع الخدمة المقدمة، مشيراً إلى أن أكثر النقص بالكادر التمريضي يتركز في القسم الفني، والأشعة، والتخدير، والمخبر، ويتجاوز النقص بين 100 حتى 150 شخص، في كل اختصاص، فنحن في المستشفى المركزي نستقطب مراجعين ومرضى من كل المحافظات، لذلك تبدو المعوقات كبيرة، في حين هناك مشافٍ معوقاتها محددة، لافتاً إلى أنه بالنسبة للأدوية في
المستشفى فيمكن القول أن 90% منها متوفرة، ولاسيما الأدوية الأساسية التي يحتاجها المرضى، لافتاً إلى أنه تم عقد اجتماع مع وزارة الصحة لإقرار الدراسة في هذا المجال، وهي الآن بعهدة وزارة المالية لتأمين الاعتماد المالي لها تجهيزاً لإقرارها من الحكومة.
النقص يؤثر على نوعية الخدمة
رئيس قسم التمريض في مستشفى دمشق “المجتهد” مها صيبعة بينت أنه حيث يوجد ضغط كبير في العمل، فكل ممرضة تعمل مكان عشرة ممرضين نتيجة النقص في الكادر، ففي الوقت الذي من المفروض أن يكون لكل 3 مرضى، ممرضة، حالياً لكل 30 مريض، ممرضة، كذلك في قسم العناية المشددة، يجب أن يكون ممرض لكل مريض، بينما الممرض في عهدته 3 مرضى، وهذا يؤثر على نوعية الخدمة المقدمة للمرضى، إضافة لكونه يشكل أعباء كبيرة، ومضاعفة للمهام الموكلة للممرضين.
وبينت صيبعة أنه كون المستشفى مركزي، فهو يحتاج لعدد أكبر من كوادر التمريض لتحسين جودة العمل والخدمة للمرضى، مشيرة إلى ضرورة وجود لجنة تحكيم لرصد واقع العمل، أو العمل على تكليف لجنة تتابع واقع المستشفيات وواقع التمريض، عن كثب، وذلك لسهولة توزيع الكوادر بين المستشفيات، على اعتبار أن هناك ضغطاً كبيراً في العمل، ناهيك بحالات تسرب الكوادر في ظل الظروف الراهنة، لذا يتم التعامل معهم لضمان استمرار عملهم الشاق، علماً أنهم يقومون بأعباء مضنية رغم كل الظروف الصعبة كون التعامل يلامس حالات صحية وإنسانية، مضيفة أن الحاجة الفعلية تصل لنحو 500 ممرض للقيام بالأعمال اللازمة، في حين لا يوجد لدينا سوى 132 ممرضاً وممرضة، لافتة إلى أنه يتم في كثير من الأحيان إجراء تدخل من الأطباء المقيمين بغية مساعدة الممرضين لتحقيق الخدمة.
كما أشارت إلى أن هناك إشكالية في الفرز السنوي للممرضين، إذا لا يتم تأمين العدد الكافي والمطلوب منهم، مؤكدة أنه في العام الماضي تم فرز 3 ممرضين فقط، والعام الحالي 4 ممرضين، في حين أن الحاجة تفوق ذلك بأضعاف مضاعفة، علماً أن هناك عدد من الممرضين يخرجون من الخدمة نتيجة انتهاء سنوات خدمتهم أو وصولهم إلى سن التقاعد الوظيفي، لذا نلجأ لمختلف الحلول البديلة لنرمم ونوازن بين الشعب، وذلك لتجاوز ما أمكن في مشكلة نقص الكادر.
بعضها يشكو النقص.. وفائض بأخرى
نائب رئيس التمريض جمانة بركات، تحدثت عن صعوبات العمل نتيجة نقص الكادر التمريضي، مع صعوبة توزيع مهام العمل على الممرضين، واللجوء لبدائل وحلول مؤقتة، حيث يتم التعامل بكل مرونة مع الممرضين لضمان استمرارهم بالعمل، منوهة بأن هناك تبايناً في توزيع الكوادر سواء فيما بين المستشفيات والمستوصفات، فهناك مشافٍ تعاني من نقص، وأخرى مع عدد من المستوصفات تعاني من فائض في عدد الممرضين، إذ يداوم الممرض في الأسبوع مرة واحدة، بالمقابل هناك ضغط كبير على كادر مستشفى المجتهد، فالممرض يضطر لمتابعة 30 مريضاً وهذا بالطبع ينتج عنه سوء خدمة للمريض، وعبء مضاعف على الممرض.
آمنة طيجون اختصاص (ضبط عدوى)، أشارت أنه لا يوجد حوافز مشجعة، والوجبات الغذائية مخصصة لكادر الأشعة فقط، في حين يحتاجها الجميع، وهناك فقط ربع راتب أربع مرات بالعام يصل في كل مرة حتى 50 ألف ليرة فقط، إضافة لتدني طبيعة العمل بشكل كبير حيث تصل حتى 4% فقط، في الوقت الذي يجب أن تكون طبيعة العمل في المستشفى بأقصى درجاتها، علماً أن طبيعة العمل قليلة جداً سواء لكوادر التمريض أو بقية كوادر عاملي الإدارة.
غياب النظام الداخلي والمالي
تفتقد نقابة التمريض إلى نظام داخلي ومالي، رغم صدور المرسوم التشريعي رقم 38 لعام 2012 بإحداث نقابة التمريض، إلا أنه لم يتم إقرار النظام الداخلي والمالي للنقابة حتى تاريخه، ولا حتى انتخاب «نقيب للتمريض» ولا إحداث صندوق تقاعد للممرضين، وعدم منحهم راتباً تقاعدياً أسوة بالنقابات الأخرى.
إلا أنه ولدى المتابعة، أكدت مصادر مطلعة أنه تم التصديق على النظام الداخلي والمالي للنقابة، وبعد عرضه على القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي ارتأت بعض التعديلات التي من شأنها أن تصب في مصلحة الكادر الصحي، تم وضعها من لجنة مختصة مشكلة من كل المهن الصحية وبمشاركة قانونيين، وبعد تنفيذ التعديلات المطلوبة يعود الأمر لموافقة الوزير عليها ليصار إلى عقد الهيئة العامة وإجراء الانتخابات خلال الفترة القريبة القادمة.