من يتابع الاجتماعات المتكررة و التصريحات الرنانة و الوعود للمسؤولين و المتخصصين بالشأن الزراعي حول ضرورة دعم الزراعة و توفير مستلزماتها و الوقوف على هموم الفلاح يعتقد للوهلة الأولى أن الأمور تسير بطريقها الصحيح من أجل إيجاد حلول منطقية وواقعية لهذا القطاع الحيوي و الذي يمثل عماد الاقتصاد الوطني…
أما الممارسة الفعلية و المشهودة على أرض الواقع تثبت تطبيقاً عكسياً لهذه التصريحات و الوعود…
المازوت الزراعي ارتفع 150% و بالتالي من الطبيعي جدًا أن ترتفع معه جميع مقومات العملية الزراعية من فلاحة و سقاية و رش و بالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج و وقوع الفلاح في مطب الإرهاق…
طبعًا الأمر لم يتوقف عند ارتفاع المازوت الزراعي المدعوم ” نظرياً ” بل تعداه أيضاً إلى ارتفاع أسعار الأسمدة و عدم توفرها بالكميات اللازمة و الذي يحتاجها الفلاح فعلياً من أجل تحقيق توازن زراعي و لجوئه إلى تأمين حاجته من السماد الأجنبي أو المهرب و الذي قد يكون منتهي الصلاحية أو عديم الفعالية..
الأمر يحتاج إلى ربط الأقوال و الأفعال بالتصريحات و الوعود و أن نرى دعمًا حقيقيًا للزراعة بما يحقق توازناً لهذا القطاع الذي يعاني من تداعيات خطيرة جعل معظم الفلاحين يعزفون عن الزراعة أو تغيير زراعاتهم عبر قطع آلاف أشجار الزيتون و الحمضيات و الانتقال إلى زراعات استوائية…
التنوع في الزراعة شيء مهم و مفيد و لكن أن نقضي على مزروعات استراتيجية لطالما كانت عماد الاقتصاد على حساب زراعات دخيلة فهذا يدخل هذا القطاع في متاهة الضياع و الخسارة المركبة..