الثورة – حمص- سهيلة إسماعيل:
كرَّمت رابطة اتحاد الكتَّاب والصحفيين الفلسطينيين في مدينة حمص وبالتعاون مع مديرية الثقافة الفنان زيناتي قدسية على مسرح دار الثقافة بعد أن قدم عمله المسرحي “أيوب”، وبحضور جمهور غفير من المتابعين وذلك تقديراً لمسيرته الفنية الحافلة وعطائه المستمر.
وفي كلمة لرئيس الرابطة الدكتور عصام كوسا قال: لقد دأبت رابطة الاتحاد العام للكتَّاب والصحفيين الفلسطينيين ومنذ تأسيسها على تكريم المبدعين، فقد سبق لها أن كرَّمت علمين من أعلام حمص هما: الشاعر عبد الكريم الناعم، وشيخ المسرحيين فرحان بلبل، واليوم نكرِّم رجلاً وضع أعواد المسرح على كتفيه، وسار في درب معبَّد بالشوك، امتد إلى ما يزيد عن ستين عاماً، ولم يعرف في ترحاله الطويل كللاً أو مللاً، فشكل حالة مميزة في المسرح السوري والعربي، وفي رصيده أكثر من ستين عملاً فنياً بين مسرح وتلفزيون وسينما.
وكان يترك بصمة في كل ما يقدمه، وخلال مسيرته اعتذر عن الكثير من حفلات التكريم؛ لأنه شعر أنها قد تكون شركا يمنعه من قول كلمة الحق في زمن غدت فيه الكلمة الصادقة نادرة الوجود.
وإن أهم ما يتسم به قدسية مشاركته لنخبة من المبدعين قلما يجود الزمان بمثلهم، فقد أسهم مع الراحلين سعد الله ونوس وفواز الساجر في تأسيس المسرح التجريبي. وشكَّل مع الكاتب ممدوح عدوان ثنائياً مسرحياً نادراً؛ فقدما تجارب خالدة، فمن منا ينسى ” القيامة” و”حال الدنيا” و”الزبال” وغيرها من الأعمال المهمة، لقد غدا زيناتي قدسية أيقونة مونودرامية مسرحية منذ أواسط السبعينيات فاستحق لقب فنان “المونودراما” بكل جدارة.
وقال عنه نقيب الفنانين في حمص أمين رومية: يتمتع الفنان قدسية بصفات إنسانية نبيلة، وقد شارك في مهرجان حمص المسرحي عام ١٩٨٧ بعرض “القيامة” وكان باكورة أعماله وهو أول عرض يحضره جمهور حمص لممثل واحد يقف على خشبة المسرح لمدة ساعة كاملة، يستحضر خلالها شخصيات افتراضية ويحاورها ببراعة قل نظيرها فكان يتابعه بشغف كبير.
لقد آمن قدسية بمركزية النص المسرحي وسعى إلى تأسيس مسرح عربي بعيد عن الاستنساخ وتقليد تجارب الآخرين وهذا ما جعل أعماله تتسم بالفرادة والتمايز، وإن اختياره لفن المونودراما هو اختيار للأصعب.
ويتصف قدسية بالنشاط والتجديد فيبدأ عرضه الراهن من حيث انتهى عرضه السابق لأنه مشغول بهاجس الابتكار وكأنه يسابق زمنه انسجاماً مع مقولته الشهيرة: “إننا لا نملك رفاهة الوقت”.
لقد شكَّل خلال إقامته في مدينة حمص مع مسرحييها عقداً فريداً واسطته زيناتي قدسية فازدانت الحركة المسرحية به وفاضت ألقاً، فكتب خمسة عروض ضمن مشروعه الجديد “المسرح الاحتفالي” هي: (أبو زيد الهلالي، الرأس والدنب، المحرقة، أخوة الجنون، وجحا والأصهب)، وأكد من خلالها وفائه لمشروعه الفني المقاوم ولقضيته الكبرى وقضية العرب فلسطين التي لا تبرح ذاكرته، وتحدث الأديب الفلسطيني عبد الفتاح ادريس عن مواقف الفنان قدسية الوطنية و الفكر الذي يحمله وولاءه للقضية الفلسطينية، مبيناً أن تكريمه اليوم هو وقفة وفاء وشكر لقامة ثقافية وطنية.
كما قال أمين سر الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين الكاتب رافع الساعدي: إن تكريم المناضل والمسرحي والفنان المبدع زيناتي قدسية يعني خيار التمسك بتراب فلسطين وتكريم معلم وملهم للأجيال وعلماً للقضية الفلسطينية ستبقى بصمات ما يقدمه خالدة لأجيال وأجيال.
وكان قدسية قد قدم عرضه المسرحي الذي حمل عنوان ” أيوب” وتدور قصته حول أيوب وهو رجل يتحدث دائماً للقاطنين في المخيمات ويحكي لهم عن ذكريات فلسطين و كيف قاتل الفلسطينيون واستشهدوا وكيف كانوا يشترون أسلحتهم ليسجل برؤوسهم ذاكرة راسخة لأنه يخاف من أن تأخذهم مشاغل الحياة وينسوا قضيتهم الأساسية.
وبيَّن قدسية في تصريح لـ”الثورة” أن مونودراما أيوب تتحدث عن مسألة لها علاقة بالذاكرة الفلسطينية باعتبار أن هذه الذاكرة مستهدفة من قبل العدو الذي يسعى لإفراغ رؤوسنا من ذاكرتنا الفلسطينية والعربية ويضع بعقولنا ذاكرة جديدة تتلاءم مع مصلحته في السيطرة المطلقة علينا.