الثورة – رفاه الدروبي:
نظّمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الفلسفة الحلقة الفلسفية السورية تحت عنوان “الدور الثقافي للفلسفة” قدِّمت خلالها مداخلات علمية فلسفية شارك فيها الدكاترة رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية محمد الحوراني، إبراهيم سعيد، عمار النهار، علي صافي وأدار الندوة الدكتورة بشرى عباس في مدرج المؤتمرات بكلية الآداب بجامعة دمشق.
الفلسفة والثقافة
الدكتور محمد الحوراني تناول عنوان محاضرته “الفلسفة وفروع الثقافة.. تكامل أم تنافر؟” ورأى بأنَّ العلاقة بين الفلسفة وغيرها من فروع الثقافة الأخرى علاقة إشكالية غير قابلة للفهم عند بعض الأدباء والفلاسفة؛ إلا أنَّ الباحث المتعمّق والأديب الحصيف يدرك أنَّ ثمة علاقة وثيقة بينها وبين غيرها من الفروع الثقافية والأجناس الأدبية، والعلاقة يؤكِّدها كبار الفلاسفة، فالشعر عند «هايدجر» تأسيس للكينونة عن طريق الكلام، وأي شعر، يبحث عن الفكر عن طريق الخيال والاستعارة، وإنَّ بعض الفلاسفة من الشعراء مثل ابن عربي رأى في الخيال، عماد الشعر، وضرورة للوصول إلى المعرفة، على حين يرى صلاح عبد الصبور أنَّ الشعر والفلسفة كلاهما القوة الدافعة إلى تغيير العالم ونظمت نظرية ابن سينا في النفس الإنسانية شعراً، وجسّد نيتشه الفلسفة الحديثة بثلاثيته الفلسفية في إرادة القوة، حيث قدّمها في قالب شعري يعتمد الاستعارة أسلوباً، وجمع كبار الشعراء بين الشعر والفلسفة مثل أبي العلاء المعري شاعر الفلسفة وفيلسوف الشعراء، وسار المتنبي وأبو تمام، ومحمود درويش وغيرهم على نفس النهج.
ولفت رئيس اتحاد الكتاب إلى ارتباط الموسيقا ارتباطاً وثيقاً بالشعر وغيره من الفنون فذهب بعض الباحثين إلى الحديث عن أثرها في فلسفة نيتشه؛ واعتبرها إحدى جذور الشعر، كما أنّ كتاباته كانت مملوءة بخصائص الشعر؛ من إيقاع بين الجمل واستعارات وتشبيهات ورموز، مبيناً بأنَّ ولم يكن طرد أفلاطون للشعراء من مدينته الفاضلة بسبب رفضه للشعر ونكرانه له، بل لأنَّ بعض الشعراء آثروا تقديم المعاني الفاسِدة وإثارة عاطفة تبعد المتلقي عن الحقيقة، وتهدم أسس، كما تستخدم الرواية اللغة والخيال لتؤثر في عواطفنا وتجعلنا نتماهى مع الشخصيات المكتوبة ومنها رواية «الغريب» لألبرت كامو واحدة من الأعمال ذائعة الصيت في مسار الأديب والفيلسوف.
الجغرافية والفلسفة
بدوره الدكتور إبراهيم سعيد قدم محاضرة عنوانها “فلسفة الجغرافيا” أكَّد فيها على أنَّ علم الجغرافية قديم قدم الإنسان، والوجود الملازم بين الجغرافية والفلسفة لكنَّ وجود الفلسفة مهمّ، وهناك تقارب كبير بينهما فالجغرافية تعنى بالمكان والإنسان ونشاطه الاقتصادي والقضايا المتعلقة بالبيئة وعدم توازنها، إنَّها عالم متجدد يضمُّ عناصر المكان ماتقدمه للإنسان، مشيراً إلى أنَّ أرسطوطاليس ومقولاته العشر المعروفة بالجوهر كالمكان، الزمان، الكيف، العقل، الانفعال، والمقولات نجد بأنَّها موسوعية متعددة ومن الوجه الجغرافية كلَّها تعتمد كلياً على كيفية المعلومات والكم والكيف مهم جداً، واستفاد أرسطوطاليس من العناصر الجغرافية لكنّه استند على فكر عنصري عندما قسم الجغرافية إلى مناطق شمالية وشرقية ووسطى فيما اختلف عنه ابن خلدون واعتبره كانه مؤسس الجغرافية الحديثة لأنها
مكون أساسي فكرياً وضرورة لابدَّ منها لفهم خصائص المكان ومايقدمه الإنسان بينه وبين البيئة.
ترجمت للغات العالم
كما أوضح الدكتور عمار النهار في محاضرة عنوانها “قراءة في نسخ مخطوط مقدمة ابن خلدون” بأنَّ مقدمة ابن خلدون ترجمت إلى كلِّ مؤلفات العالم، ونسخ المخطوط الأصلي ومقدمته موجودة في معظم مكتبات العالم، وقصة تحققيها خضعت للمقابلة مع النسخة الأم وتمَّ نسخها وضبطها ومقارنتها مع النسخ الأخرى، ويعود سبب وجود أخطاء جرت أثناء النسخ بفعل الناسخ حيث يحذف النساخ كما يحلو لهم، وربَّما خطأ غير مقصود أو عوامل الزمن أدَّت إلى تمزيق في المخطوط أو تعرضت للشطب، وحققت مقدمة ابن خلدون كثير وخاصة في المغرب ونالت الكثير من الاهتمامات في المشرق والمغرب، منوهاً إلى أنَّ أفضل دراسة قدمت حولها كانت لساطع الحصري حيث استطاع إيجاد سرقات في المقدمة، واكتشف أنَّ عبد الله العلوي أخذ من ميكافيلي لكنَّ النسخة الصحيحة موجودة في كتاب “التذكرة الجديدة” لتلميذ ابن خلدون ابن حجر العسقلاني، موضحاً أنَّ تنقيحها مرَّ وفق مرحلتين: الأولى التونسية والثانية المصرية واعتبر المرحلة مهمة جداً والمقدمة كتبها بنفسه.
ختمت الندوة فعالياتها أعمالها بمحاضرة للدكتور علي صافي عنوانها “القاسم المشترك بين الأديان” أنَّه يعتمد على الإله الواحد.