الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
للشعر قواف..وأجراس وحين تنظم الأولى
تقرع لها في ميادين النشيد أجراس…
فشنف الأذان أيا صديق النغمة الصورة والكلمات…
في حضرة الشعر الجميل رتل تسابيح الهوى..ترددها في الحين الهمسات والخلجات ..
أيا بشيلي زدني أيا سموها شعرا يبدعه فائز الشعر وقصيده العصماء..
«أجراس القوافي اسم لناصية الكلام بوحا نشيدا..وصفا..تغزلا.رسم طبيعة بكر
وحديث وجدان….
أجراس القوافي عتبة الكتاب الأولى في نصوصه الدرر..شعرا عموديا خليليا ومضات..وقصدات من النثر..الجميل ملونا ببهاء بشيلي ورائحة صنوبرها..وانسامها العليلة…
فهيا معا نركب سفينة الشعر نجوب بحاره ولألاء لدى فائز مسيرته..وقد صدرت عن خلال عامه الماضي..
– فهرسة الأجراس-
تتألف المجموعة- الصادرة عن دار الغانم للثقاف- من أربعة وأربعين جرساً نصا إضافة إلى الإهداء والتقديم….
أجراس متعددة ومختلفة مابين الصاخبة والهادئة..مابين الهادرة والمهموسة تكون بمجموعها سيمفونية «بشيلية» الطبيعة والجمال»والذات الخنساوية الشاعرة»…من عناوين مقطوعاتها الجرسية:..،حلم..إلى ولدي يوسف. حنين. تمر الحادثات. هل أنصف الدهر. فيض الكلام. احتراق. عبق السؤال. أين أمي. حدائق جمر.وردة بيضاء. أجراس العوافي. تراتيل الوداع. الزمن المقتول. ولادة. ذكرى.أيا وطني. فلسطين. لغة المسافات. وداع.سفينة الرغبات. أيها الغرباء. أنام بلا رأسي . قفص الجنون. نافذة الرحيل. فاتحة الأحلام. شرفات الأحلام ملامح الصدى وغيرها..
– فضاءات المجموعة-..لم أذكر عناوين الأجراس ترفا وكمالية بل لأضع القارىء في طبيعة النصوص موضوعاتها وأفكارها وفضاءاتها التي تنفتح أمامها…
فالوجداني في مقدمة المواضيع والمعاني..بعدها التأملي الوجودي ثم الذهني والغزلي والطبيعي ولاننسى الوطني والقومي إذ يحضران عبر عدد من الأجراس والقوافي…ولكن لنقف عند عنوان المجموعة والتي وسمت عتبته بأجراس القوافي..
هذا العنوان المجازي الذي يتكون من تشبيه بليغ إضافي طرفاه: أجراس مضاف..والقوافي مضاف إليه مكتنزا في طياته طبيعة الخطاب الشعري وموسيقيته اعتماد على الإيقاع في مصادر الموسيقا الداخلية…كالمعاني والصور والمحسنات البديعية اللفظية والمعنوية…فالقصيدة وجدانية بامتياز..وفيها تمدد الوجدان في سهول الحب والغزل والوصف الداخلي والتشبيب:
/عروس تلك الليلة/ لبست ثوب البهاء/
والعناقيد تدلت../لفظت لون العيون/ من مناها أشرق الصبح الجليل/ والقوافي عانقت شمس الأصيل../
أسر الوهج الحضور/ ينسج الإيقاع شوقا/ كالفراشات على مرج الزهور/ كم جميل هذا التشبيه التمثيلي وقد تحقق طرفاه من صورتين بينهما كاف التشبيه..وهذه الصورة بحد ذاتها مثلت نبعا غدقا للإيقاع والجرس الموسيقا في النص….
الشاعر ابن بيئته الجبلية «بشيلي» ذات الطبيعة الرائعة والبكر ولقد يستعير الأديب مفرداته من موجودات بيئته..محلقا في ارتفاعها..شجرها وزهرها وعطرها
وسمو ونبل اهلها التي ماغيرتها تعقيدات الحياة يقول:
وجناحاي يعانقان السماء/
وسفرالعطور يضمخ النسيم/
وينعش الأرجوان/
بصمت مقدس.
الشاعر خنسة شاعر موجوع بالفقد..مفجوع برحيل ولده شهيدا..
وقد قال في ابنه يوسف:/
هل كان يوسف في طريقك عائدا
نحو الديار وبعد هجر قد لغى/
حتى وإن بات الفراق على المدى
لازال يسكن في فؤادي يوسفا/
والله أعطى نعمة النسيان لي
والحمد أوقف للدموع وكفكفا./
الامتلاء بالوطن سمة الشعراء الملتزمين..والشاعر خنسة شاعر ملتزم بوطنه الصغير والكبير..مهموم لما أهمه ومحزون لما يحزنه ومتألم لما أصابه…متماه به ومعه وحالم أن يغدو في حال أحسن لنسمعه في ندائه وطنه ومناجاته له وشجنه:/
أيا وطني..وقلبي لك
وغير هواك لاأملك../
أراك الآن في قلبي
جراحا من لظى الماضي
تؤرقني…تعذبني/
ولايقف الشاعر عند حدود وطنه الصغيرة بل يمتد وجعه إلى فلسطين ويشتد فيقوم مناجيا طوفان الأقصى ومباركا جهاد أبطاله ومحييا شهداءه:/
لأجل القدس والأقصى / نذرت الروح كي تبقى/ ..
ويتابع:/
فلسطين لنا وطن../
ولانرضى بديلا عن ضفائرها/ وغير القدس لانرضى/ ولن نرضى…../
_ كلمة أخيرة-
ويبقى أن نقول:
إن الشاعر فائز خنسة في مجموعته الشعرية أجراس القوافي..وفي مشاركاته المنبرية في المراكز والجمعيات والملتقيات الثقافية والاجتماعية..هو شاعر وجداني..وطني وقومي…وإنساني..يملؤه حب الإنسان والأرض والشهيد والوطن والعروبة….
تمتاز قصائده العمودية ونصوصه النثرية ومقطعاته القصيرة بصدق العاطفة وسمو المشاعر ورهافة الحس والأناقة اللغوية والمهارة التعبيرية والأخيلة التصويرية والجرس الموسيقي المعتمد على حركة ورقص التفعيلة للبحور الخليلية..والإيقاع الداخلي للنصوص النثرية…المستندة على مصادرها المجازية والبلاغية والبديعية..
الشاعر فائز خنسة..
بوركتم فأجراس القوافي إضافة حقيقية للمكتبة الأدبية الشعرية..
العدد 1214 – 19 – 11 -2024