الثورة – دمشق – غصون سليمان:
في اللقاء الحواري الذي دعا إليه فرع دمشق لاتحاد الصحفيين ضمن خطته السنوية وحمل عنوان ماذا يريد الصحفيون من قانون اتحاد الصحفيين على مدرج دار البعث، كان لابد من بعض الجراحات الناعمة في تصويب بعض القضايا التي لابد من إجرائها وتعديلها في مواد القانون الذي مضى عليه أكثر من ثلاثين عاماً، وبالتالي فإن الحبر الذي كتب فيه بتلك الفترة لاشك كان مناسبا في ذلك، لكن ما طرأ على المجتمع والعالم المحيط من تغيرات وحاجات وضرورات تنوعت وتشعبت في ظل ثورة المعلومات والتقدم التقني وظهور صحافة المواطن ووسائل التواصل الاجتماعي التي فرضت شروطها وحضورها بقوة شئنا أم أبينا.
ومع انتشار فوضى النشر وظهور دخلاء كثر على مهنة الصحافة والإعلام بوسائله المختلفة كان لابد من المراجعة والتمحيص والوقوف مع الذات لتظهير أحقية القضايا في جسم العمل الصحفي، الذي يحتاج إلى خلع اللباس الذي ضاق عليه ولم يعد مناسبا في موضة متطلبات العصر الحديث .وهذه مسؤولية اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام بما تضمه من هيئات ومؤسسات ومنابر إعلامية.
مداخلات الزملاء الإعلاميين التي تجاوزت الاثنتي عشرة مداخلة بحضور وزير الإعلام الأستاذ زياد غصن، ومعاون الوزير لشؤون المؤسسات أحمد ضوا، كان لها الأثر العميق على مستوى النقاش والملاحظات والاستفسارات .
رئيس فرع دمشق لاتحاد الصحفيين محمود وسوف، أشار في تقديمه للندوة الحوارية إلى أهمية مشاركة الاعلامين بالرؤى وطرح الأفكار المناسبة من خلال خبرتهم وتجاربهم وعملهم الطويل لسنوات في مهنة المتاعب، متمنيا لو أن غالبية أعضاء المؤتمر الذين يطالبون بالمكاسب وتعديل القانون ورفع سن التقاعد حضروا جلسة النقاش هذه فنحن الأحق في مناقشة قضايانا وتفنيدها على جميع المستويات.
الزملاء الإعلاميون أكدوا على أن الهم الأول هو حماية الصحفي وتحسين وضعه المادي والمعيشي، وعدم استغلال مواد قانون الجرائم الإلكترونية بشكل تعسفي كما حدث مع بعض الزملاء في قضية نشر إحدى المواد على صفحته الشخصية، وإذا كان لابد من استجواب أو استدعاء للصحفي أن يكون عن طريق اتحاد الصحفيين.
والأمر الآخر هو أن يكون هناك توصيف دقيق للصحفي والإعلامي في ظل ما نشهده من فوضى عارمة في ساحة الإعلام، وان توضع الضوابط المناسبة للمنصات الإعلامية ومحتواها الرقمي المتواجدة بشكل لافت إذ يقفز أصحابها والعاملون فيها حيث يريدون، دون قيود أو شروط وذلك على حساب أصحاب المهنة الحقيقية في الإعلام الوطني العام والخاص الذين يعانون من بعض الصعوبات لدى العديد من الجهات حين يقومون بأداء واجبهم في تغطية أي حدث ومتابعته.
وما تم طرحه أيضاً أن العمل الصحفي لطالما هو جهد فكري يجب الا يكون هناك حدود للعمر، لا أن نرفع سقف العمر، فالشخص القادر على العطاء يجب أن يبقى يعمل في مجاله الذي يحب كما المسرح والسينما والفكر، حيث لدينا أساتذة وقامات كبيرة في الوسط الإعلامي للأسف لا نستفيد من خبراتهم.
الزملاء الإعلاميون أكدوا مراراً على وجوب التقييم الحقيقي لشريحة العاملين في الحقل الإعلامي بشكل جدي، وألا يذهب التقييم إلى أدراج النسيان، ونعيد الكرة مرة أخرى دون جدوى. وآخر المطاف يصبح العمل روتينيا دون فائدة ما يدفع إلى موت الشغف في داخل من يحب هذه المهنة.
كما تم التنويه إلى بعض الثغرات بخصوص الأمور التنظيمية في قانون الاتحاد مثل رؤساء الفروع لا يحق لهم ان يكونوا بمجلس الاتحاد.
وعلى صعيد التأمين الصحي للمتقاعدين هي أمنية يأمل من دخل ميدان نهاية الخدمة أن تتحقق، ولأن العمل الصحفي مهنة سامية دعا المشاركون إلى وجوب مناقشة وصياغة قانون للاتحاد يرتقي إلى مستوى التحديات التي يواجهها العمل الإعلامي.
دوافع التفاؤل
رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور وبعد استماعه لجميع المداخلات عبر بداية عن تفاؤله بوجود السيد وزير الإعلام فهو ابن المهنة وتدرج إلى رأس الهرم، لافتاً كيف يتابع الوزير من خلال موقعه كل ما يتعلق بحماية الصحفي وتوفر المعلومة والقضايا التي تتعلق بطبيعة العمل، وتباشيرها كانت مع رفع نسبة حصة صندوق التقاعد من كل إعلان تجاري من ٢% إلى ٤%وهذا لم يقر في أي حكومة سابقة، وبالتأكيد من يدافع عن حق الصحفي له الدور الكبير في اقتراح الموافقة على مشروع تعديل القانون بمجلس الشعب على أمل أن يصدر قريبا، وهذا التفاؤل ينسحب في الأيام القادمة على طبيعة العمل، وبعض القضايا الإجرائية المتعلقة بالاستثمارات.
نريد الحماية
رئيس الاتحاد أوضح فيما يخص قانون الجرائم الإلكترونية أن العمل يتم ضمن بيئة تشريعية واضحة وأنظمة للمهنة سواء ما يتعلق بالنشر، أو بوسائل الإعلام المختلفة، أو وسائل التواصل الاجتماعي، والنقطة الأساس لنا كصحفيين انه عندما نكتب على وسائل التواصل الاجتماعي نستدعى بناء على ادعاء شخص سواء من المدير أم أي شخص آخر، والأمن الجنائي لا يتحرك إلا بعد أن تأتي مراسلة من المحامي العام، وبالتالي فإن الأمر ليس له علاقة بحرية الكتابة أو عدمها، مؤكداً على أن المؤسسات العامة نادراً ما تدعي ،وهناك جهتان فقط ادعتا على أحد الصحفيين واتصلت لتحريك الدعوى ضده.
عبد النور أوضح في هذا الجانب أن الصحفي هو من يحمي نفسه من خلال معرفته بالقانون وآليات النشر، منوها أن قانون الإعلام الحالي يذهب باتجاه حل هذه المسألة بشكل نهائي حسب اطلاعنا على مسودته.
وأضاف أن المادة ١٠١ من القانون الحالي تنص على منع استجواب الصحفي أو تفتيشه أو تفتيش مكتبه إلا بعد إعلام الوزارة . كما بين أيضا أن اتحاد الصحفيين لا يقول للشخص اذهب أو لا تذهب وإنما الاتحاد يحضر حتى في الاستجواب الشخصي ويتابع القضية حتى النهاية عبر زملاء مكلفين بهذا الأمر . مبينا أن المراسلات التي تأتي من وزارة العدل أو قاضي المحكمة تسأل إن كان الصحفي منتسبا للاتحاد أم لا.
بكل الأحوال هناك آليات سوف يضعها قانون الإعلام بحيث يلحظ حتى من يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي تكون المساءلة على قانون الإعلام وليس قانون الجرائم الإلكترونية .
توصيف الصحفي
أما توصيف الصحفي فقد أخذ نقاشا طويلا من قانون الإعلام وهو جزء أساسي من تنظيم المهنة وفق ما ذكره رئيس الاتحاد الذي بين في جانب آخر حول أن المهنة هي جهد فكر ي ولا تحدد بعمر فهذا يعود لطبيعة عمل المؤسسات في رفع سن التقاعد مع ملاحظة أن هناك من تقاعد ومازال يعمل وربما وجد آفاقا أخرى.
ومن تحدث عن التأمين الصحي للمتقاعدين قال عبد النور أنه تم التقدم لأكثر من شركة تأمين صحي لكن الاتحاد غير قادر على التسديد الكامل فهناك أكثر من ٨٣٤ متقاعدا وموازنة الاتحاد غير قادرة على ذلك، علماً أن جميع المتقاعدين في المؤسسات الإعلامية مشمولون بصندوق تقاعد الصحفيين.
وحول عمل المنصات الإعلامية وصناعة المحتوى الرقمي فهذا له علاقة بممارسة المهنة وليس بقضايا نقابية حسب قوله.
وما طرح بالجانب التنظيمي لناحية وجود رؤساء الفروع بالمجلس أشار رئيس الاتحاد أنهم موجودون بالمجلس وهذا محل نقاش هل يكونون أو لا يكونون، وبالتالي هذه لها علاقة بالثقة ومنح الثقة أو سحبها، فإذا كان عدد أعضاء المجلس ٣٣ عضواً والمكتب ١١ عضواً، وإذا ما أراد أحد أن يحجب الثقة عن أحد الأعضاء والمكتب موافق فلا يمكنه ذلك كونه يحتاج إلى صوت واحد.فيما القانون يجيز الجمع بين المؤتمر والفرع .
وتابع: بالنسبة لعقد المؤتمرات تصدر قرارات، والسؤال هل تنفذ هذه القرارات لطالما مسؤوليته المتابعة، فالقضية ليست مجرد قراءة جلسة عن مؤتمر سابق تأخذ وقتاً على حساب المؤتمر.
وفيما يتعلق بالمباريات الثقافية وغيرها من الأنشطة فهي لم تتوقف وأشار رئيس الاتحاد أن مهرجان الإعلام في دورته الأولى والثانية والثالثة كان على مستوى الوطن العربي لناحية حضور جميع النقابات وساهم المهرجان بتلك الفترة من خلال حضوره بتغيير الكثير من الآراء فيما يتعلق بالأجواء التي تعرضت وتتعرض لها سورية من حرب إرهابية وتضليل إعلامي من خلال حضورهم هذا المهرجان الذي ساعد بانعقاد الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب عام ٢٠١٨، واليوم نفكر جديا بأن نعود إلى هذا المهرجان لاختيار أحسن مقال وتقرير وصورة وبرنامج حواري وذلك بالتعاون مع وزارة الإعلام.
وعلى صعيد التدريب وطبيعة المشاركة والانتساب للاتحاد أكان جامعياً أم غير ذلك هذا ما يجب أن يلحظه قانون الاتحاد من أجل تنظيم المهنة، أي هل نبقى تحت جسم نقابة محررين ومهن مساعدة، ام نقابة للمحررين وأخرى للمهن المساعدة ما يرتب أعباء إدارية أخرى.
وختم عبد النور بالقول إن هذه الصيغ الاستراتيجية الأساسية هي التي يجب أن نبحث بها فيما يتعلق بالقانون، والموازنة المالية بصيغتها الحالية، والعضوية والانتخابات وغيرها .
كما أن قانون الإعلام الذي يتم العمل عليه حاليا ربما يكون جديدا في صيغته ويلبي الطموح ويرمم الهواجس فيما يتعلق بتوصيف الصحفي وغيره.
تصوير- فرحان فاضل