من أخطر أنواع المنافسة هي تلك التي يُطلق عليها مصطلح (المنافسة اللئيمة) التي تقف على الضفة الأخرى لمفهوم المنافسة الشريفة المتمسكة بجودة المنتج والعمل على تطويره وتحسينه بميزات أفضل، ضمن قواعد علمية صحيحة ودقيقة، مع الحرص – قدر الإمكان – على تجنب التكاليف الإضافية لوصول المنتج المُحسّن إلى المستهلكين له، دون أعباء مادية إضافية إلاّ بالقدر المنطقي الذي يقبله العقل ويؤمن بأنها أعباء موضوعية ما دامت قد أضيفت عليه تلك الميزات.
هنا نذكر – على سبيل المثال – حادثة طريفة ومعبرة وهي أنه في الحرب العالمية الثانية وبسبب نقص الموارد لم يتمكن صانع الشوكولا الشهير (ميشيل فيريرو) من الحصول على ما يكفي من الكاكاو فأضاف له حبة بندق كاملة وصنع الشوكولا الشهيرة (فيريرو روشيه) أي إنه أضاف حبة البندق بغرض تصنيع الشوكولا وليس بغرض توفير المال، وبدلاً من اللجوء لغش منتجاته قام بابتكار منتج جديد أضاف له حبة البندق الطبيعية التي يقارب ثمنها ثمن الشوكولا التي سيوفرها وبهذا تخلص من أزمة نقص الكاكاو وأعطى العمل منتجاً جديداً ومميزاً تهافت عليه الناس منذ ذلك الوقت وإلى اليوم دون أي خديعة فقد كان الصانع نزيهاً بأن أنبأ المستهلكين بإضافة حبة البندق، والتي بدورها زادت المنتج لذة وفخامة ورغبة.
أمام فخامة ما صنعه ذلك الرجل حاول بعض المهووسين بالمنافسة اللئيمة والذين استكبروا إضافة البندق علناً، أن يُحيّدوا ذلك المنتج المرغوب عبر استخدام قواعد المنافسة اللئيمة القائمة على الغش والتضليل وإخفاء المعلومات الصحيحة، وعدم التردد بالإساءات الشخصية للمنافس الشريف وترتيب الفضائح المصطنعة ضده لوضعه تحت ضغط التنمر وإحاطته بالإشاعات المجافية للواقع، كما قد يلجأ المنافس الشاذ واللئيم إلى أسلوب الوساطة التي تُعتبر من أساليب المنافسة الدنيئة بالاعتماد على تضييع جهود المنافس وإخراجه من دائرة المنافسة دون النظر إلى الأحقية، وصولاً إلى حالة التآمر والضربة القاضية، فمن أسوأ أساليب المنافسة الدنيئة هو التآمر على المنافس ليس بهدف إخراجه من المنافسة فحسب بل طرده من الميدان وربما يصل الأمر إلى التسبب بعقوبات كبيرة أو محاكمات تحاصره من كل اتجاه رغم نزاهته وتمسكه بالحقوق العادلة.
المنافسات اللئيمة والدنيئة قد تنجح إلى حين، ولكنها بالنهاية لا بد أن تُفضح أمام المستهلكين بعد أن يخبروا ويتلمسوا فضائح الغش والاحتيال والتضليل وإشاعاتهم الكاذبة، ويتأكد المستهلك من حسن صناعة المنافس الشريف المتمسك بالصدق في التعامل وبنزاهته وحرصه على صحة المستهلك وعدم البوح به، ليتأكد أن كل الضغوط والعقوبات وحالات التنمر التي تحيط به ما هي إلاّ افتراء بافتراء، ولهذا لا بد لذلك المنافس الشريف من الفوز بالنهاية واكتساب ثقة المستهلكين.
أمام هذا كله فإن ما يجري اليوم في حلب مهما بلغ من التهويل والتضليل والإساءات فقد قطعنا نحن بشأن الفاعلين أشواطاً في معرفة حقيقة منتجاتهم الإرهابية المذهلة، وخبرناهم جيداً بميزاتهم الفاقعة في القتل والذبح والحرق والتخريب وابتكار أصناف الإهانات، فتلك هي بضائعهم المفضوحة التي لم تعد ملابس الشرف والكرامة والحرية والدين والدروشة قادرة على إخفائها، ومنافستهم اللئيمة ودناءة توجهاتهم في تنفيذ أجندات أعداء البلاد ندركها إلى حدود اليقين ولن تجد بضاعتهم السيئة بيننا سوى الرفض والكساد.
ولهذا نحن على يقين أن حلب عائدة إلى أحضان وطنها مهما حاول هؤلاء الملفوظون المكروهون أن يشوهوا الحقائق ويتجملوا بالأكاذيب المفضوحة.
السابق