فرحان بلبل.. يترك مسرح الحياة

الثورة – رفاه الدروبي:

فرحان بلبل رائد المسرح العمالي وفارس الكلمة يترجَّل عن خشبة المسرح، لتبقى كلماته تتردَّد في أسماعنا أثناء اعتلائه المنابر عندما يسرد تجربته المسرحية، لكن الأسى كان يسكن سويداء قلبه فيشعُّ الحزن من عينيه على بلد لم يتنسَّم طعم الحرية فيه، ولم يشم نسائمها إلا في أيامه الأخيرة، كونه ولد في مدينة حمص نهايات العقد الثالث من القرن الماضي، والوطن يرزح تحت نير المستعمر الفرنسي، ثم حبكت الحرب العالمية خيوطها ليفقد الطفل فرحان والده ويلحق به جده، فيحتضنه أعمامه.
ثابر “بلبل” بجدٍّ واجتهاد ولم يقف مكتوف اليدين، فنال شهادة الإجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق، وراح يعمل بدأب متواصل، ويجول بين التدريس وكتابة الشعر ثم تركهما جانباً، وتوجَّه إلى أبي الفنون المسرح، ليُكوِّن فرقة المسرح العمالي، فتميَّز بأسلوب خاص جمع بين الواقعية والتجديد الفني، وكتب وأخرج عشرات المسرحيات، كما غرَّد بأحلى النصوص على خشبات المسارح السورية والعربية، لتدوم تجربته أربعة عقود صنَّفها وفق ثلاث محطات:
بدأت المحطة الأولى بمسرحية “الجدران القرمزية”، ورغم أنَّ الصحافة أبدت إعجابها بالعرض في الفترة ذاتها، لكنَّ المسرحية جعلته يُفكِّر ملياً أنَّ الكاتب ينهل موضوعاته من التراث العربي كونه يبقى حبيساً ضمن حدود معيَّنة لا تعبرها، بل تبقى محصورة بنطاق ضيِّق، مستمداً حكاياته الحلوة من الواقع، وشرع يغمس قلمه فيها، ويدلي برأيه تجاه موضوع واحد قابل للنقاش، ويغوص أكثر فأكثر.. يبني على ذلك تمسُّكه بمناقشة الجمهور في المسرح، ويلاحظ مدى ابتعاد كثير من المسرحيين السوريين والعرب عن الناس، ما يؤدِّي إلى فشل أعمالهم.


أمَّا محطته الثانية فبدأت بمأساة الحلاج عام 1973 عندما أدخل الشعر الحديث في العروض المسرحية، مُستفيداً من ملكة الإلقاء، ثمَّ علَّمها لطلبته في المعهد العالي للفنون المسرحية، باعتباره صاحب أهمية كبيرة في نجاح النصوص الشعرية ووصولها للجمهور.‏
بينما محطته الثالثة تمثَّلت بعرض “دهاليز” عام 1995 ولاقى نجاحاً باهراً، لذا تابع عروضها منتهجاً أساليب جديدة لتقديم أعماله، فأدرك أهمية الانطلاق من عامة الناس، قاصداً البيئة الطبيعية للجزيزة الفراتية ببيوتها ذات الهندسة الفريدة.. لكن امتحانه الأكبر حين وقف بين الجمهور بفئاته المختلفة: “عمَّالاً، طلاباً، مُدرِّسين” في حقول الرميلان، عارضاً مسرحياته مع فرقته في الهواء الطلق، لترتفع أيدي المتابعين مُصفِّقةً للعمل، مُعبِّرةً عن إعجابها بما قدَّم لهم، ونجحت تجربته المسرحية بأسسها الموضوعية، لتكون لكلِّ الناس.
رغم كلّ ما حقَّقه من إنجازات مسرحية، وما صدر له من كتب في النقد المسرحي، إضافة إلى عدد كبير من المقالات والدراسات في الصحف والمجلات المتخصِّصة، وفي ميدان النقد المسرحي مثل: “المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة”، “مراجعات في المسرح العربي منذ النشأة حتى اليوم”، “المسرح السوري في مئة عام 1847 1946″، إلا أنَّه كان دائماً ينهي حديثه بشيء من الأسى المشوب بغصَّة يتبعها همس رقيق دافئ، ومحبة الغيور على بلده وأهله بعدم بقائهم أمواتاً وما زالوا أحياء.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
في حادثة صادمة.. فصل طالب لضربه مدير ثانوية في درعا "الطوارئ" :  2000 حادث سير منذ مطلع العام و120 وفاة جلسة مجلس الأمن: دعوات لرفع العقوبات ودعم العملية السياسية في سوريا رئيس الوزراء القطري والمبعوث الأميركي يبحثان سبل دعم سوريا الهلال الأحمر القطري يطلق مشروعاً إنسانياً لإنقاذ مرضى الكلى في سوريا سجن المزة العسكري .. تاريخ أسود من القهر والتعذيب الاعتماد الصحي يدخل الخدمة .. وزير الصحة ل " الثورة " : ضمان الجودة والسلامة في الرعاية الصحية "المفوضية الأوروبية": على أوروبا الاضطلاع بدور فعال في دعم سوريا المصارف.. انكشاف مالي عابر للحدود تصدير 89 براداً من الخضار والفواكه إلى الخليج في 4 أيام الشفافية الدبلوماسية على لسان " الشيباني "  بدعم من "يونيسف".. "السويداء" تطلق أعمال ترميم ست مدارس ارتفاع الأسعار مرض اقتصادي يترقب العلاج! كيف حوّل النظام المخلوع مدارس ريف دمشق إلى ثكنات عسكرية؟ توسيع الطاقة الاستيعابية في المدينة الجامعية بحلب لجنة فنية  لدراسة الاعتراضات على المخططات التنظيمية بحلب تفاوت أسعار الأدوية بحلب.. غياب للرقابة والنقابة لا تجيب..! الإنارة في دمشق ..حملات صيانة لا تلامس احتياجات الأحياء 10 آلاف مستفيد من خدمة "شام كاش"  في "بريد اللاذقية" الأمن الداخلي يُعلن التحرك بحزم لإنهاء الفوضى في مخيم الفردان