الثورة – حسين صقر:
بدءاً من الاستماع الجيد للأبناء، واعتماد أسلوب الحوار والنقاش المجدي، والذي يهدف لبناء أسرة ناجحة، مروراً بضرورة تعريفهم بما يضرهم أو ينفعهم، وليس انتهاء بإيجاد الحلول الإسعافية وطويلة الأمد، تبدأ التربية الصحيحة وتحصين الذات من أي مؤثر خارجي.
السوريون اليوم على امتداد ساحات الوطن يعيشون مرحلة جديدة بعد التحرير، بعد عقود من القحط الفكري والثقافي والذي كان موجهاً لغايات معينة أيام النظام الساقط، وهذه المرحلة تتطلب وعياً كاملاً لما يجري بهدف معرفة ما يتم الترويج له والغاية بث الفتن والفوضى وإفشال ما تم التوصل إليه.
وإدارة الحوار مع هؤلاء ليست أمراً سهلاً، وذلك في ظل تنوع وسائل الاتصال والتواصل، وكذلك توجيه أفراد الأسرة نحو الأهداف المطلوبة وتعزيز المهارات السلوكية يحتاج إلى وقت وجهد مستمرين، وذلك بمساعدة الأسرة الثانية وهي المدرسة، وذلك من خلال الكادر التدريسي والإداري والتوجيهي، بحيث ينتقل هؤلاء جميعهم من مجرد ملقنين وناقلين للمعلومات إلى مصممين حقيقيين للبيئة التعليمية التي لن تكون مثالية طبعاً، ولكن إلى حد معين تنتج جيلاً متفهماً عارفاً بقضاياها وما يضره أو ينفعه.
هذه الخطوات لن تتم أو تحقق النتيجة المرجوة دون تفهم ظروف الطلاب، والتعامل معهم كسلوك يتغير ويختلف باختلاف تلك الظروف، والإمكانات التي يمتلكونها وتميزهم عن بعضهم، وكذلك مدّ جسور التعاون بين المدرسة وكل الجهات ذات العلاقة، وهذا أيضاً قد يتقاطع مع ضرورة الإفادة من تنفيذ البرامج الحوارية، لكونها تحقق الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، وبالتالي القيام بالدور الصحيح كي يكونوا أفراداً صالحين في مجتمعهم.
– إرساء الأمن:
إذاً وفي ظل ما تمر به البلاد من مرحلة بناء مادي ومعنوي، وإعادة إرساء الأمن والأمان على أيادي القيادة الجديدة، تبقى الأسرة والمدرسة هما المحصنان الرئيسيان لتربية الأفراد روحياً وفكرياً، ويفترض بهما تأدية دور متكامل لتعزيز القيم النبيلة والأخلاق الحميدة، التي تتضمن السلم الأهلي والتفاعل المشترك مع جميع المكونات السورية التي تنشد هذا الأمن وذلك السلم.
كما تتحمل المدرسة إلى جانب الأسرة العبء الأكبر في مواجهة ظاهرة الفتن والفوضى التي يرمي مروجوها وداعموها من خلال استغلال تقنيات العصر للوصول إلى عقول الشباب والفتيات، وزرع بذور البغضاء والحقد في أذهانهم من أجل تغيير كثير من المفاهيم الصحيحة والسلوكيات الحميدة.
كل ذلك بالطبع يتطلب حضوراً نوعياً في توعية تلك العقول الشابة ومخاطبتهم بلغة عصرهم، وهذا يعني أن تبذل المدرسة دوراً أكبر في تبني حوار معتدل قائم على الثوابت يحافظ على وطنية الشباب وانتماءاتهم، وتغليب المصلحة العامة على مصالحهم الخاصة، وهو ما يساهم في تهذيب سلوكهم ويدفعهم نحو تحمل مسؤؤلياتهم العامة.
– ثقافة التسامح:
تغذية عقول هؤلاء تكمن بأهمية الابتعاد عن الأفكار المضللة والمنحرفة، والعمل بشتى السبل والوسائل لحب الوطن والدفاع عنه ضد أي هجمات مهما كان شكلها وكائناً من كان منفذوها.
فدور المدرسة والأسرة كبيران ومهمان في توجيه النشء وإرشاده وحمايته من أي تأثير، وهو دور لن يتم دون أن يتحمل الكادر التعليمي مسؤولياتهم، من خلال نشر ثقافة التسامح بين الطلاب.
وهكذا فعملية التحصين تلك لاتتحقق ما لم يكن هناك رؤية مشتركة من الجميع، إذ لا يمكن تحميل المدرسة هذا الدور فقط، ولا الأسرة أيضاً، فأي توجيه يجب أن يكون جماعياً، وكأركان البناء الذي لا يقوم على قاعدة واحدة بل عدة قواعد.
# صحيفة – الثورة