الثورة – هلال عون:
“قادرون على الإنتاج والمنافسة في ظل نظام اقتصادي حر، حيث لا قيود ولا حواجز ولا رشاوى، وليس أمامنا سوى النهوض لأن البديل أن نكون ضعفاء وعبيد المنافسين، ونحن شعب قوي، يستحق الحياة”.
تداخلٌ في المهام
الباحث والخبير الاقتصادي الأستاذ إيهاب اسمندر – بخصوص إعادة الهيكلة قال لـ”الثورة”: من يتابع الأداء الحكومي في سوريا يلاحظ تداخلاً كبيراً بين مهام العديد من الجهات، وتشتتاً وبعثرة في الجهود، مما ينجم عنه في كثير من الأحيان تنازع صلاحيات وضعف أداء، ما يعني أن سوريا بحاجة من الناحية الحكومية لإعادة تحديد وتوزيع الأدوار بين الجهات الحكومية، وتنظيم التكامل بينها بما يمنع الازدواجية.
وأوضح أن ذلك قد يتطلب في بعض الأحيان إعادة النظر بتعددية الأجهزة الحكومية نحو المزيد من توحيدها ضمن كيانات أكثر فاعلية، أي تقليل عدد الكيانات الحكومية مقابل زيادة فاعليتها بما ينعكس إيجاباً على الأداء العام وتحسين جودة الحياة في البلاد.
خطة لإعادة الهيكلة
ورأى أن مثل هذا الأمر- أي إعادة هيكلة الجهاز الحكومي ككل وضمنه إعادة الهيكلة على مستوى المؤسسات الحكومية، يحتاج إلى خطة مركزية، تعد من قبل خبراء ومختصين وتستند إلى دراسة ميدانية وواقعية عن مختلف جوانب الهياكل التنظيمية على المستوى الكلي والجزئي.
وأوضح اسمندر أن إعادة الهيكلة تعني إعادة النظر بالمستويات الحكومية وطبيعة المهام والمسؤوليات على مستوى الكيانات والأفراد، وأنه لا يمكن اعتبار أي برنامج لإعادة الهيكلة في سوريا ناجحاً إذا لم يؤد إلى تحسّن السياسات الحكومية، وإلى استخدام أفضل للموارد البشرية والمادية المتاحة، وزيادة وضوح المسؤوليات والمهام الحكومية، وتحسين مستوى معيشة المواطنين وخدمتهم بشكل أفضل، وزيادة فاعلية المؤسسات الحكومية، ومنع الازدواجية في عملها حتى لو اقتضى ذلك إلغاء بعضها أو تغيير تبعيتها أو إعادة النظر بالمستويات الإدارية فيها.
دليل استرشادي
واقترح وضع دليل وطني استرشادي لإعادة الهيكلة الحكومية، متوقعاً أن تشهد سوريا الجديدة برنامجاً متكاملاً لإعادة الهيكلة على المستوى الحكومي، ومستوى المؤسسات الحكومية بما ينسجم مع رؤيتها للمستقبل كدولة حضارية تضاهي الدول المتقدمة.
فائض أم نقص؟
وبخصوص العمالة الفائضة وأفضل السبل للاستفادة من طاقاتها، قال اسمندر: تمر سوريا اليوم بمرحلة غير طبيعية، ولاسيما من الناحية الاقتصادية، وبالتالي قد يكون من الصعب الحكم على مدى فائض أو نقص العمالة على مستوى المؤسسات الحكومية.
وأضاف: بعد الوصول إلى مرحلة أكثر استقراراً، ودوران عجلة النشاط الاقتصادي في البلاد سيتضح بشكل أفضل مدى الحاجة الحقيقية من العمالة في المؤسسات الحكومية، وقتذاك، وبدراسة حالة كل مؤسسة على حدة، يمكن تقسيم هذه المؤسسات إلى نوعين (مؤسسات ذات فائض بالعمالة؛ ومؤسسات تعاني نقصاً في العمالة) وعندها، وبإعادة التوزيع، يمكن حل جزء من المشكلة، مع الأخذ بعين الاعتبار لحظ برامج تدريب مناسبة لتمكين العاملين من القيام بالمهام المطلوبة منهم في أماكن عملهم الجديدة.
قروض دون فوائد
وأما الزائد من العمال عن الحاجة بعد إعادة التوزيع؛ فيقترح اسمندر تزويدهم بمهارات جديدة تساعدهم على الحصول على فرص عمل مناسبة، مبيناً أن القروض أو المنح حسب ما يُطرح (مع تفضيله القروض بدون فوائد على المنح) يمكن أن تكون أحد الحلول، شريطة أن تكون المبالغ المقررة كافية للقيام بمشروع مناسب، وبعد تأهيل المستفيدين المزمعين، ببرامج تدريب مهني وإداري، ومتابعتهم من منظمات أو جهات معينة لضمان نجاح مشروعاتهم.
أما نوع المشروعات التي يمكن القيام بها، فرأى أن هذا الأمر مرتبط بحالة كل مستفيد على حدة، والمهارات التي يتمتع بها والميول التي لديه.
المشاريع الناجحة
وهناك العديد من البرامج التي يمكن أن تساعد في تحديد المشروع الذي يمكن أن ينجح به الشخص، فالمهم هنا اختيار المشروع القابل للنجاح.
أما الضامن الرئيسي للنجاح، فيكمن في اختيار المشروع المناسب، والتأهيل والتدريب الفني والإداري اللازم، والمساعدة في التسويق وخدمات استمرار المشروع، والمتابعة المستمرة لمعالجة أي عقبات قد تظهر أمام المشروع ومعالجتها في وقتها.
ليست للتخلص من العمالة
وبخصوص الإجازة مدفوعة الأجر، فيرى أن هذه الإجازة ليست شكلاً من التخلص من العمالة، بل هي على الأغلب، آلية تنظيمية لتخفيف عدد العاملين في الجهاز الحكومي والمؤسسات الحكومية، لتوفير فرصة أكبر لدى القائمين والمشرفين على هذه المؤسسات، لتنظيم أعمالها وإدارتها بشكل أفضل تمهيداً لتحسين بيئة العمل فيها وإعادة استدعاء وتوزيع العمال بعد ذلك.
مع التوقع بأن سوريا تعاني من تضخم في عدد العاملين بسبب سنوات طويلة من عدم اتباع سياسات تشغيلية كفوءة؛ لأن التشغيل كان يتم دون أسس ومعايير اقتصادية تضمن إفادة المؤسسة والعامل، بقدر ما كانت مجرد خلق وظيفة براتب متدنٍّ؛ غير مناسب لتوفير أدنى شروط الحياة الطبيعية.
لكن كما أشرنا سابقاً، فإن إعادة النظر بعدد العمال المناسب لأداء الواجبات المطلوبة، لا بد أن يترافق مع برنامج تكيف هيكلي متكامل، يحافظ فيه العمال على حقوقهم وفرصهم بالعمل اللائق والمناسب.
الصناعي مبدع
رجل الأعمال الصناعي محمد ركاد حميدي تحدث عن الفساد الاقتصادي في العهد البائد (الرشاوى، الحواجز والقيود الأخرى التي شكّلت أكثر من 30% من الكلف قبل التشغيل)، ومع ذلك استمرت دورة الإنتاج بمحبة البلد رغم المعوقات والقيود والفساد العام.
ورأى أننا قادرون على الإنتاج والمنافسة في ظل نظام اقتصادي حر، حيث لا قيود ولا حواجز ولا رشاوى، وليس أمامنا سوى النهوض لأن البديل أن نكون ضعفاء وعبيد المنافسين، ونحن شعب قوي، يستحق الحياة.
واستشهد على قدرات الصناعي السوري بالقول: “إن إحصائيات التصدير التي كانت تؤكد تصدير البضائع والسلع السورية إلى معظم دول العالم بجودة عالية رغم المعوقات والقيود.
وأكد حميدي أن الصناعي السوري مبدع، يستفيد حتى من النفايات ويصنع منها منتجات، كما أن ميزة المصانع السورية أنها عائلية، منخفضة التكلفة، والاقتصاد التنافسي الحر فرصة أخرى للمصانع لإثبات الجودة بعد أن ارتفع عن كاهلها الظلم والاحتكار والقيود الأخرى المعروفة.
الصناعات الزراعية
ورأى أن الصناعات الزراعية ذات القيمة المضافة العالية هي بداية الصناعات التنافسية.
وختم بالقول: مع هذا الإرث الكارثي الذي أبدع في إنتاجه النظام البائد لا بأس إذا كانت هناك هفوات وأخطاء هنا وهناك، فهذا بلدنا ولا خيار أمامنا سوى البناء والنهوض، والنهوض ليس سهلاً دائماً.
تشوهات بحاجة لعلاج
بخصوص هيكلة مؤسسات الدولة يرى الصحفي فهد كنجو، أن هناك حاجة ملحة لمعالجة التشوهات التي أسهمت في إرباك عمل مؤسسات الدولة، ومنها العمالة الفائضة الناتجة عما كان يسمى بالتوظيف الاجتماعي.
وقال: إن الرواتب المنخفضة للعاملين في الوظائف الحكومية كانت بمثابة تواطؤ بين المؤسسة وموظفيها (أعطيك راتباً منخفضاً وتعطيني جهداً بسيطاً).
وعن مسألة منح العمالة الفائضة إجازة مأجورة لثلاثة أشهر، قال: أعتقد أنها أمر جيد في حال التفكير بكيفية الاستفادة منهم لاحقاً في أماكن أخرى، ولذلك أقترح أن يتم تأجيل معالجة موضوع العمالة الفائضة ريثما تبدأ عجلة الإنتاج بالدوران مع زيادة الاستثمارات، وبالتالي زيادة فرص العمل بالقطاع الخاص.
#صحيفة_الثورة