الثورة – رنا بدري سلوم:
معظم المثقفين الذين استطلعنا أراءهم في خطاب الرئيس أحمد الشرع الموجه لأبناء شعبه، ينبئ بارتياح وتفاؤل، فقد بيّنوا موسوعيّة الخطاب وشموليته، ولاسيما لشخصية قائدٍ ميدانيّ، استقى خطابه من شعور الأحرار والثوّار والسجناء والضعفاء في وطنه، فلم يترك منهم أحداً إلا وخاطبهم ملء القلب والعين، فكان الخطاب لرئيسٍ يدرك معاناة شعبه السوري وطبقته الكادحة والمناضلة والثائرة.
الدكتور عبد الله الزعبي- مدرس التاريخ القديم بجامعة دمشق، بيّن أنّ الخطاب كان بليغاً، متكاملاً، قدّم الرئيس فيه صيغة من صيغ العقد الاجتماعي الأكثر رقياً وهو: “إن الحاكم خادم للمتعاقدين معه”، كما كان الخطاب واقعيّاً شرح فيه الرئيس الشرع خطّته وخطواته المستقبليّة للانتقال إلى حكم ديمقراطي، فكان الخطاب متزناً، لم يختطف النصر لنفسه بل توجه في مطلع خطابه بالإشادة بكل من كافح في سبيل إسقاط النظام البائد دون أن يستثني أي شكل من أشكال الكفاح.
كما إن إدراج اسم حمزة الخطيب في الخطاب كان لفتة كريمة منه للشريحة الأكثر تضرراً في سوريا وهم الأطفال، الذين كان حمزة أيقونتهم الجميلة على امتداد رقعة الجغرافية السورية من درعا إلى الحولة إلى الغوطة، وكان لفتة كريمة لأبناء محافظة درعا مهد الثورة السورية.
الشّاعر عبد السلام بركات زريق، يقول: إن تحدّثت عن البلاغة في الخطاب سأدخل بموضوع المديح، وهذا ليس من طباعي، قائلاً: لقد لفتني في خطابه تأكيده على إشراك المرأة وجيل الشباب في الشأن العام وللأمانة (هذا رأيناه بأعيننا)، والانتقال من الفوضى (يجب أن نسمي العهد السابق بكل التسميات عدا أن نسميه نظاماً)، إلى مرحلة انتقاليّة تحقق لسوريا مقعداً في محيطها العربي والمجتمع الدولي، أقول: كان الانتقال رائعاً، فقد أكد خطاب النصر على معظم ما يصبو إليه الشعب، وتأكيداً أرى أولويات المرحلة القادمة، ملف الأمن أولاً، وملف الاقتصاد ثانياً ، وينبغي معالجتهما بكل الوسائل المتاحة وبكل الجهد الممكن.
من جهته أشار القاص الكاتب فراس النجار إلى أنّ الخطابات عادة تكون جميلة، تُكتب علی مهل من قبل متخصصين باللغة والاقتصاد والسياسة والاجتماع ويلقيها، في أحيان كثيرة سفّاح أو دجال، خضع لتدريب جيد علی الإلقاء وهذا ما كان سائداً في عهد النظام البائد آنذاك.
ويقول: لقد شاهدت خطاب الرئيس أحمد الشرع ولفتني حجم التفاؤل والوعود التي عاش ويعيش السوريون اليوم لتحقيقها، وهذا حق طبيعي لهم، وخاصة أننا ما زلنا نعيش مرحلة حرجة يكون فيه الأمل مغايراً للواقع، فلم يعد للشعب السوري صبراً بقدر ما هو توّاق للسلم الأهلي، وعلينا الاعتراف أن من رواسب شخصيّتنا الجمعيّة فكرة التغلب وفقه التغلب، وهذا ما يجعل الأفق مشحوناً ومنذراً بصراعات ومخاضات مريرة جديدة.
خاتماً بالقول: إن ثورتنا ثورة مبدأ وحريّة وقرار وهو ما نأمله من قيادة حكيمة متمثلة بنخبة سياسيّة تفهم الشخصيّة السوريّة، وما تراكم فيها من أفكار ستظل منبعاً وافراً لكل فكر وبنية وسلوك يندرج في خانة الديكتاتوريّة، تمهيداً للمعالجة الجذريّة بواسطة التعليم ومناهجه المناسبة وهو ما ننتظره جميعاً بعد ثورة جاهدنا من أجلها لتحرير الأرض من الديكتاتورية، والإنسان من قمعه.
#صحيفة_الثورة