الثورة- بقلم الأديبة ياسمين عبد السلام هرموش /لبنان:
اتفقت عليها جميع الأنظمة، وشرائع الديانات السماوية والأرضية وأعِدَّتْ أيقونة الشعوب المحترمة.
أصبح يوماً عالمياً مناسبة للاحتفاء والاحتفال بالمرأة، وبالتطور في مجالات التقارب بين الجنسين من حيث الحقوق والواجبات التي يتحمّلها أفراد المجتمع، وتمكين المرأة في أخذ مكانتها في التفكير والبناء من خلال إسهاماتها في إنجازات علمية وأدبية، والسعي إلى تحقيق زخم أكبر للمشاركة جنباً إلى جنب الرجل في ميادين الحياة في جميع أنحاء العالم.
من هنا.. أسهمت المرأة، في دفع آلة الصناعة الفكرية واليدوية، وتطوير الإنتاج من حالة الأحادية في العمل إلى ثنائية تضامنية، مما زاد كم ونوع المنتجات الكفيلة بسد حاجات المجتمع الإنساني على مستوى البلد الواحد، وعلى مستوى العالم جميعاً.
ولا يخفى على كل ذي عقل دورها في تربية وتنشئة أجيال تلو الأجيال، لحمل الرسالة ولواء التقدم في تحصين المجتمع وحمايته من كل المخاطر المحدقة بأفراده وناسه، فهي اللبنات الأولى في أسس تكوين الخليقة، وهي نهايات لها.. إنها جامعة الحياة بلا منازع!
صاحبة رسالة توارثتها جيلاً بعد جيل، ونسجت خيوطاً من الوفاء وعزماً من الإرادة، ثابتة العهود والمواثيق.
المرأة زرعت التضحيات في النفوس، وأصبحت عنواناً للوجود التأريخي والحضاري، ينتقل عبر القرون، ونبراساً يبدد الظلمات، ولعبت أدواراً مهمة في الحضارة الإنسانية، لما تحمله من صفات تميزت بها، فسيولوجياً وفكرياً، تمكنت من خلالها التفرّد في عطاءاتها، وقد يتعذر على الرجل أن يؤدي ذات المهمات، فامتازت في الصبر والرقة والحنان، وفي الحب والجمال والأنوثة والطيبة المتواضعة، التي وظفتها بكل أريحية لزيادة اللحمة المجتمعية، كتفاً بكتف مع الرجل (أخ وأب وابن).
فيوم المرأة وعيدها مناسبة تشد العزم في المضي قدماً للأمام، بخطوات واثقة، لا تلتفت للخلف، بل تتقدم بجدارة، وتصنع لها إستراتيجية مؤمنةً بحقوقها، وعارفة بواجباتها، مما نلمسه أثراً بارزاً في مشاركتها الفاعلة في حياتنا، وعلى مختلف المستويات والأشكال في عملية النهضة الحضارية بمختلف جوانبها الإنسانية والثقافية والاقتصادية والعلمية والإبداعية، في أدوار مهمة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، إلى جانب ما قامت به من إبداعات تطورت معها سبل الحياة، وواضح ذلك من إيمانها برسالتها الخالدة، وقدرتها على العطاء التي فاقت كل الحدود، كونها النّبع الذي نستمدّ منه أسمى المبادئ والقيم والأخلاق.
ولقد سطّر لنا التأريخ أسماء لامعة في صفحات من نور خلدتها أعمالهن، وإمكاناتهن في إدارة شؤون الحياة، أثناء تقلدهن أماكن رفيعة ونجاحهن في النضال والمثابرة، والريادة والمبادرة، عندما تبوأن دفة الحكم، كملكات مثل “بلقيس وزنوبيا وشجرة الدر، أو مستشارات كزبيدة العباسية، أو أدبيات كالخنساء ونازك الملائكة”.
ومنهن أسهمن في دفع عجلة البناء وتطويره وشاركن الرجل في إدارة الدولة في الوزارات والمؤسسات الحكومية، والتربية والتعليم، والطب والهندسة.. الخ!
إلا أن المرأة لاقت سوء معاملة وكُبحت في أكثر من مرة، وقُيدت حريتها وطمست أغلب حقوقها، وتنوعت أشكال العنف بين الإيذاء البدني والنفسي، واتسع ليشمل مظاهر ممارسة التمييز والحرمان من حقوقها في الإرث التعليم والعمل، مما سبب ذلك خللاً وتفككاً في نسيج المجتمع في هذا العصر أو ذاك، بسبب التخلف وقلة الوعي لدور وأهمية المرأة في المجتمع.
لذلك أعطى الإسلام “دين الحق” المرأة حقها في طلب العِلم، والحق في العمل، ومشاركة الرجل في أغلب الأعمال ذات الطبيعة التي تتمكن فيها العمل والإبداع، وتضمن حقوقها في شتى المجالات.
وقد كلَّفها الله عز وجل مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال.
#صحيفة_الثورة