ثورة أون لاين: الطوابير تتزايد.. وحلول الوزارة غير واقعية… المشكلة تتفاقم .. وتنتج بورصة سوداء… تخفيض سعة الأسطوانة زيادة سعرية غير معلنة… وزارة الاقتصاد تشير إلى الغش والاحتكار وتحيل 72 مخالفة للقضاء.
تصدرت أزمة الغاز قائمة اهتمامات المواطنين وتعالت الأصوات المطالبة بتوافر المادة التي أثقلت كاهل المواطنين وما زاد الطين بلة دخول السماسرة والتجار على خط الأزمة حيث أصبح الحصول على أسطوانة غاز منزلية يتطلب انتظاراً طويلاً قد يمتد إلى يومٍ كاملٍ وقد يعود الشخص بخفي حنين.. وربما يتطلب منه الوقوف أكثر على طوابير طويلة أمام مراكز التوزيع والبديل عن الطوابير يتمثل بالعثور على (سماسرة) يملكون اسطوانات الغاز ويبيعونها بأضعاف ثمنها المحدد بالتسعيرة الرسمية..؟! وقد امتدت حمى نقص المادة لتطول أسعار المواد الغذائية في ظل تقاعس الجهات المعنية عن القيام بواجبها واتهامها بالتقصير عن أداء دورها الفاعل في التدخل الإيجابي ومنع فلتان الأسعار.
احتكار المادة
وصل سعر أسطوانة الغاز المنزلية إلى أكثر من /2500/ ليرة ويقوم السماسرة بالمتاجرة بها عبر وسطاء يحتكرون كميات كبيرة في كل مراكز الأحياء ومناطق المدن.
ويقول أبو أحمد صاحب مطعم في معربا بريف دمشق: زاد من حدة الأزمة متاجرة بعض ضعاف النفوس بمادة الغاز حيث يقفون مع أبنائهم ويشترون ما يقارب عشر اسطوانات بسعرها الرسمي وبعدها يبيعونها بأربعة أضعاف سعرها وهؤلاء يفاقمون الأزمة.
أما رفعت أبو شعر أحد القاطنين في معربا فقال: اضطررت للذهاب إلى عين منين لتأمين أسطوانة غاز بعد ما شهدته الأسواق من نقص حاد في المادة حيث ضاقت بي السبل بالبحث المضني واضطررت إلى دفع/ 2000/ ليرة ثمن تبديل الأسطوانة.
تحايل متعمد
بعض الأشخاص الواقفين في طوابير بمنطقة القابون اتهموا مراكز التوزيع ببيع الأسطوانات مقابل عمولات اضافية تزيد على التسعيرة النظامية بما يقارب/ 1000/ ليرة وأحياناً تبيع الكميات قبل وصولها إلى المركز ويلقي بلائمته على المركز الأساسي في عدرا…؟!.
من جهته أوضح أبو سمير أنه اضطر للتغيب عن عمله ليتفرغ لتأمين المادة في ظل الأزمة مبيناً حدوث تجاوزات أثناء توزيع الأسطوانات كأن يأتي أحدهم بورقة رسمية ويستبدل عشر أسطوانات دفعة واحدة أمام مرأى المواطنين دون أن يقف في الطابور.
تجاوزات واستغلال
وكثرت في الآونة الأخيرة التجاوزات وحالات الاستغلال ما استدعى تحرّك الجهات المعنية لردع المخالفات وتنظيم الضبوط بحق المرتكبين.
فقد أوضح مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة عادل سلمو أن المادة شهدت طلباً حاداً من قبل المستهلكين نتيجة الحاجة الماسة لها ووصلت الأزمة ذروتها في الأسابيع المنصرمة وتبعها حالات من الغش والاحتكار بحيث ضُبطت حالات كثيرة نتيجة تداول المادة…؟! كالبيع بسعر زائد وبأسعار مبالغ فيها وحجب المادة عن التداول بهدف الربح غير المشروع والامتناع عن البيع أو توزيع المخصّصات في غير أماكن الترخيص النظامية، أي خارج المنطقة الجغرافية المحددة وفق التراخيص الممنوحة للموزعين، إضافة إلى الغش في المادة من حيث الوزن.
وبلغ عدد الأسطوانات المحجوزة /2058/ أسطوانة، شملت أيضاً إحالة /72/ حالة إلى القضاء المختص، علماً بأن الفترة المنصرمة من الأسابيع الماضية شهدت طلباً حاداً إضافة إلى ضبط أعداد كبيرة من المخالفات بالمحافظات الكبيرة.
وأشار سلموإلى أن دوريات حماية المستهلك تتواصل مع المستهلكين للإبلاغ عن أي مخالفات كي تتخذ بحقهم العقوبات الرادعة، منوهاً بأن عدم تعاون المواطنين في الكشف عن هوية المخالفين ينعكس سلباً على أحوالهم المعيشية ويسمح بتمادي ضعاف النفوس وتلاعبهم بالأسعار وفق ما تسوّل لهم أنفسهم مستغلين غياب عيون الرقابة.
المطاعم تأثرت بالأزمة
لم تقتصر الأزمة على نقص المادة ومشكلة الطوابير فحسب بل تعدتها إلى أزمات أخرى منها إغلاق المطاعم ومحال بيع المأكولات التي يعتمد تحضيرها على الغاز…؟! فقد اضطر أصحاب فعاليات تجارية كثر لإغلاق محلاتهم نتيجة عدم قدرتهم على تلبية طلبات المواطنين من المواد الغذائية المختلفة في ظل استمرار الأزمة التي تعتبر الأولى بهذا المستوى.
وأشار رمزي الجاجة مالك مطعم في منطقة الميدان وسط دمشق إلى أنه تعرّض لخسائر كبيرة بسبب ارتفاع سعر أسطوانة الغاز حيث اشترى الأسطوانة بخمسة آلاف ليرة كي لا يغلق مطعمه وفيما اضطر بعض أصحاب بعض المطاعم لإغلاق منشآتهم مؤقتاً لحين توفر الغاز لجأ آخرون إلى رفع الأسعار بنسبة وصلت إلى (40%) وأكد أحدهم اضطرار أصحاب المطاعم لرفع الأسعار، مبرراً زيادة أسعار المواد التي يعتمد طهيها على الغاز كالفول والحمص إلى الزيادة السعرية للأسطوانة..؟! حيث وصل سعر الكلغ الواحد للفول والحمص وسطياً إلى (120) ليرة بعد أن كانت أسعارها مقبولة حتى فترة قريبة، كما أدّى ذلك إلى غلاء في أغلب المواد الأخرى من الحلويات ومحال بيع الوجبات الجاهزة ووصل سعر الكلغ الواحد من المعمول وسطياً إلى (250) ليرة بعد أن كان بـ (200) ليرة كذلك الحلويات البسيطة كالمشبك والأصابع والعوامة وصلت إلى (125) بعد أن كانت بحدود (100) ليرة وهذا بدوره خفّض القدرة الشرائية للكثير من الأسر ولاسيما أصحاب الدخل المحدود الذين استغنوا عن مأكولات عديدة وغدت عندهم من الكماليات..؟!.
أما زاهر حوراني وهو مالك لفرن معجنات أشار من جانبه إلى أنه أغلق بسبب عدم قدرته على تأمين الغاز حيث يحتاج إلى أسطوانة واحدة كل يوم فالأزمة كانت مفاجئة ولم يضع احتياطاته لها.
أسباب أخرى
وهناك أسباب فاقمت المشكلة وزادت من الأزمة, منها لجوء العديد من أصحاب أفران المعجنات والمطاعم والمحال التجارية والصناعية لاستخدام اسطوانات الغاز المنزلي لتحمية أفرانهم بدلاً من المازوت الذي شهد نقصاً كبيراً في الفترة السابقة أو الاستعاضة عن الأسطوانات الصناعية كبيرة الحجم المعدة لذلك.
ويؤكد مدير حماية المستهلك قيامَ بعض أصحاب محال بيع الفروج المشوي وصناعة المعجنات باستخدام اسطوانات الغاز وزن/ 12/ كغ والمخصصة للاستعمال المنزلي وعدم التزامهم بالأسطوانات المخصّصة لهم بوزن / 20/ كغ ما سبب أزمة خانقة.
كما لجأ العديد من سكان الأرياف إلى الاستعاضة عن الغاز في الطهي والأعمال المنزلية الأخرى بالاعتماد على وسائل بدائية، وآثرت العائلات الريفية أن تحل مشكلاتها بالاعتماد على الحطب واستخدامه في أغراض الطهي، كما أقدمت عائلات إلى استخدام بابور الكاز الذي وصل سعره لأرقام خيالية…؟! كذلك قفز سعر ليتر الكاز إلى /120/ ليرة بعد أن كان بـ /40/ ليرة.
وفي النهاية شعر المواطنون بالامتعاض الشديد ووقوعهم بين النقص الحاد في السلعة الرئيسية وغلاء المحروقات الأخرى ناهيك عن انتشار ظاهرة الاحتطاب الجائر وقطع للأشجار والاستغناء عن المأكولات التي تحتاج لمدة طويلة في الطهي لتوفير الغاز ما أمكن…؟!.
ونظراً لتوفر الطاقة الكهربائية بعد انتهاء أزمتها خلال فصل الشتاء لجأ الكثير من العائلات إلى الأفران و(السخانات) الكهربائية التي حلت سلعة جديدة يتزايد عليها الطلب هذه الأيام، بعد تراجع الطلب في الأسواق على المولدات الكهربائية.
أما الأثرياء فقد وجدوا ضالتهم بالوجبات الجاهزة ومضى البعض إلى أبعد من ذلك بارتيادهم المطاعم وتناول مختلف أنواع الأطعمة.
تخفيض سعة الأسطوانة
أصدرت وزارة النفط والثروة المعدنية قراراً بتاريخ 5/6/2012 المتضمن تعديل سعة الأسطوانات لتصبح /10/ كغ بدلاً من /12/ كغ.
وتعديل الأسطوانة الصناعية سعة /16/ كغ بدلاً من /20/ كغ بناء على الدراسة المعدة من قبل اللجنة التنفيذية التابعة للوزارة بخصوص تعديل أوزان الغاز السائل للأسطوانات المنزلية والصناعية،حيث قامت الوزارة بإصدار قرار التخفيض وفق الدراسة والأسباب المعدة المرفوعة إلى اللجنة الإقتصادية.
النقص 40٪
وكان وزير النفط والثروة المعدنية وفي تصريح سابق عن سبب الأزمة وكمية النقص الحاصلة في مادة الغاز، وكيفية توزيع الاحتياطي الاستراتيجي والحلول المتخذة بشأن الفعاليات التجارية والصناعية التي توقفت عن العمل لنقص المادة.
أوضح بأن المخزون الاحتياطي الإستراتيجي لن يستخدم إلا بحال نفاذ الغاز تماماً، مقدراً الإنتاج اليومي من الغاز بحدود (900) طن بينما الحاجة الفعلية تزيد عن (2200) طن، في حين يستهلك القطاع الخاص ما يقارب (200) طن يومياً.
وبين أن الوزارة مستعدة لشراء الغاز المستورد من جهات القطاع الخاص وأنها ستفتح أمام جهات القطاع الخاص استيراد الغاز إلى أن تحل المشكلة لأنها مضطرة لإعطاء الأولوية للمواطنين.
تبرير غير مبرر
بعد أن وصلت الأزمة ذروتها وعانت المحافظات كافة من نقص حاد في الغاز المستخدم للأغراض المنزلية ولدى جميع الفعاليات الصناعية والتجارية…؟! نجد أن تصريحات وزارة النفط حول انحسار الأزمة في غضون أسبوع تشوبها المغالطة وفقدان التقييم الصحيح لمقدار الأزمة وتوقيت انتهائها، وهذا ما يفتح الباب على مصراعيه لفداحة المشكلة وعدم وجود حل لها في المستقبل القريب..؟! فبعد مضي أكثر من شهر على بدء الأزمة وانعكاساتها السلبية مازالت تراوح مكانها..؟! ما يعكس مقدار المعضلة واستمراريتها إلى أجل غير مسمى وما ينجم عنها من مخاوف تثير خيبة أمل ويأس كبيرين..؟! حيث شكلت لدى المستهلك قناعة تامة أن تصريحات المعنيين تحمل في طياتها المماطلة والتحايل بهدف التهرّب من الأخطاء المرتكبة من الوزارة وشركة محروقات وعدم الاعتبار من الأزمات السابقة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة، حيث كان من الأجدر الاستعداد لمثل هذه المواقف بدلاً من البحث عن حلول جزئية غير ناجعة.
مماطلة وتسويف
أمام هذا الواقع ماذا يقول المعنيون في شركة محروقات لطمأنة الرأي العام وتوضيح المسائل العالقة والمبهمة التي بإمكانها أن تبين الحلول المقترحة…؟!
مدير عام الشركة المهندس عبد الله خطاب تهرب منذ تاريخ 28/5/ الماضي عن الإجابة عن استفسارات «الثورة» حول كميات الغاز الموزّعة منذ بداية العام حتى تاريخه والآلية المتبعة لاستلام الشحنات وكيفية توزيعها على الموزعين وأسباب الأزمة الحالية والإجراءات المتخذة لتجاوزها والإستعلام عن كميات الإسطوانات البلاستيكية، ومدى مطابقتها للمواصفات العالمية من ناحية الأمن والسلامة.
بالعودة إلى الوراء نجد أن الأزمة كانت موجودة منذ أوائل فصل الشتاء الماضي، وكانت تسعيرة الأسطوانة الرسمية آنذاك /260/ ليرة وعانى المواطنون من نفس الأزمة ثم وعدت الجهات المعنية بالتدخل الايجابي لحل مشكلة نقص مادة الغاز…؟! وبالفعل تدخّلت وانتهت الأزمة وتم طرح كميات كبيرة من المادة وأغرقت السوق الشرائية بها وتنفس المواطنون الصعداء…؟!. لكن بعد التدخل بأيام قليلة فوجئ المستهلكون بارتفاع تسعيرة أسطوانة الغاز المنزلية إلى /420/ ليرة…؟!.
وما نأمله إمكانية حدوث انفراج في الأزمة من حيث وفرة المادة إلا أنها قد تكون على حساب المستوى المعيشي…؟! خصوصاً بعد تصريحات المعنيين باحتمال رفع سعر الأسطوانة إلى (800) ليرة نتيجة استيراد كميات كبيرة من بعض الدول وما يترتب عليها من قطع أجنبي.
وفي حال حدثت هذه الزيادة الكبيرة في أسعار الأسطوانات ستنعكس سلباً على الأحوال المعيشية للمواطنين وما ينجم عنها من غلاء فاحش في أسعار المواد الغذائية…؟!.
المصدر: الثورة – تحقيق: عدنان كدم