نحن لم نخلق كارهين لأحد، بل أهلنا يعلموننا، ونحن فقط نخلق بطباع، والطبع غلب التطبع، ولكنّ الحب اكتساب، والحقد تعلمنا إياه الأيام ومن حولنا، وهذا موضوع منوط بالتربية والتلقين والتعليم، ولكن التربية بالتأكيد تسبق التعليم، لأننا نتلقاها في بيوتنا ومن أسرنا قبل الذهاب إلى المدرسة، ففي المدارس اليوم ومع كل أسف تنتشر ظاهرة هدفها التفرقة وزرع الكراهية والبغضاء، التي يزود بها بعض الأهل أبناءهم إلى البيئة التعليمية، ويسمع من بعض التلاميذ مصطلحات طائفية لم نسمع بها من قبل، وهي تشير إلى الدين والمذهب والطائفة والانتماء وإلى آخره، وتلك “ثقافة” لم نعتدها، أو نتعامل بها ما حيينا، حيث سوريا تتسع للجميع، وكل مكون فيها ضروري للتنوع، واكتمال اللوحة كي تبدو رائعة وجميلة ومثيرة للانتباه، وكلنا وجدنا الفرق بعد ظهور الشاشة الملونة على التلفاز، وبتنا نحجم عن الأبيض والأسود، وهما لونان، فالتربية قبل التعليم، ليست مجرد كلمات وشعارات، بل هي فلسفة تربوية يجب أن يعلمها الأهل قبل إرسال أبنائهم لتلقي العلوم، وعلى النظام التعليمي تقع المسؤولية أيضاً في ذلك، عبر مراقبة سلوك التلاميذ وتصرفاتهم مع بعضهم، والموجهون والمرشدون الاجتماعيون والنفسيون موجودون، وعليهم تعزيز منطق المحبة والتآلف والتفاعل بين هؤلاء التلاميذ، وإذا اضطر الأمر توجيه الأهل واللقاء بهم من أجل تعريفهم بما يمارسه أولادهم على الآخرين، وسؤالهم فيما إذا كان هم يقبلون أو يتقبلون ذلك، يُقال: العلم بلا أخلاق كالشجرة بلا جذور، والتربية هي تلك الجذور التي تضمن استدامة الثمار ودوام النفع.