منحتنا الثورة ميزاناً من حرير نقيس به المواقف “ابتسام صمادي” لـ”الثورة”: أنا على قمة الكرامة في حاسَة الشام السابعة

الثورة – سعاد زاهر:

 

الدكتورة ابتسام الصمادي، شاعرة، وباحثة في مجالات الفكر، درست الأدب الإنكليزي.. أصدرت ثماني مجموعات شعرية، منها: والشوق شأنك، بكامل ياسمينها، وكتاب الحية التي تعض الذيل (رسالة الدكتوراه) ترجمت قصائدها إلى الإنجليزية والفرنسية، بينما تُرجمت مجموعتها بكامل ياسمينها إلى الإسبانية، ومجموعتها والشوق شأنك ستُترجم إلى الإيطالية.

كُتب عنها العديد من الدراسات النقدية والأبحاث الجامعية، شاركت في العديد من المهرجانات العربية والدولية، وتم تكريمها في عدة دول عربية.

حائزة على جائزة توليولا الإيطالية العالمية عن ديوانها والشوق شأنك، وجائزة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد الأولى من فرنسا.. تنوع نشاطها السياسي والمجتمعي.

كانت عضواً في مجلس الشعب السوري (الدور التشريعي الثامن)، عضو في الاتحاد البرلماني الدولي، وانتُخبت في لجنة المرأة عام 2006 بجنيف، عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين العرب في فرنسا، عضو في منتدى الفكر العربي في عمّان، واتحاد النخب والأكاديميين العراقيين، والملتقى القطري للمؤلفين.

أسست وأدارت صالون الثلاثاء الثقافي، الذي استضاف شخصيات أدبية وفكرية عربية ودولية، تكتب مقالات دورية في الصحافة العربية، ومنها زاوية “توت شامي” في مجلة أعناب التابعة لجريدة الشرق القطرية، وزاوية في الجزيرة مباشر.

متزوجة وأم لأربعة أبناء، وتقيم حالياً في قطر.

مع الشاعرة ابتسام صمادي التي انشقت عن النظام السوري في بداية الثورة عام 2011 وغادرت البلاد، كان لصحيفة الثورة الوقفة التالية:

– استجبت لنداء الثورة السورية منذ البداية، وانتقلت من الاحتفاء بالأنثى إلى الثورة، ما بين الحالتين أين أنت الآن؟

انطلقت الثورة السورية العظيمة من النفوس الكبيرة المثقلة بالقمع والهم والرؤية، فلم نكن على ضفة أخرى لننتقل إليها، نحن من افتتحنا آية الكهف وصبرنا طويلاً.

وكنا الإطلالة الأعلى على صنوبر الأوجاع وثلوج الهضاب العالية وانتصرنا…

نعم أحمل أرق النساء وتاريخهن المثقل بالأحطاب والأوجاع ككل سوريا اقتلعت من تربتها وشهدت على حقبة تاريخية أعنف مما تعرضت له نساء الكون مجتمعات، لكنني لست محمولة عليها بل على ثورة وطن بأكمله، دوماً تتساوى النساء مع الرجال في الأزمات الكبرى، لا أريد أن أفقد هذه اللحظة التاريخية، لذلك أكتب.. أين أنا الآن؟.. هنا على قمة الكرامة، في حاسَة الشام السابعة.

– كيف أثرت الثورة على تجربتك الشعرية؟

لا شك أن الأزمات الكبرى تُعيد تشكيل وعي المبدع وتدفعه لإعادة إنتاج ذاته، فكيف بثورة عظيمة مثل ثورتنا؟ لقد منحتنا ميزاناً من حرير نقيس به المواقف، فكشفت لنا زيف البعض وأظهرت معادن الآخرين.

كانت المواقف تجاهها دليلاً على الأخلاق والوعي والإنسانية، بالنسبة لي، لم تكن الثورة مجرد تجربة سياسية حياتية، بل كانت تجربة شعرية أيضاً، أنجزت خلالها ثلاث مجموعات شعرية: (حاسّة الشام)، (والشوق شأنك)، فازت بجائزة توليولا العالمية الإيطالية، ومجموعة للأطفال (جاءنا طير الحمام)، لقد أنجبتني الثورة، ليس فقط كشاعرة، بل كإنسانة أيضاً.”

– بعد التحرير ما هي مهمة الشعر، وكيف يمكن أن يسجل المواجع الكبرى؟

وقت المجازر، عَفَّت القصائد، فاللغة كانت أدنى من الحِداد، حينها، لم يكن للشعر ولكل ضروب البلاغة أن تعلو فوق صوت الفقد، وكان الصمت البلاغة الوحيدة التي تليق بالمشهد لتمرَّ جنازة أيامنا بسلام كالقداسة.

بعد التحرير، سالت أرواحنا على الطرقات، ولم يعد يجمع شتاتها لا الشعر ولا الأدب، في الحالتين، كنتَ على حافة الجنون، (من ذا الذي ينجو ولا يتأبط الدبابة)..؟

لكن.. حين يتشكّل الوعي الجماعي مما مررنا به، وحين يصبح الشعر أداة لتغيير الراكد والنسقي، فأنت تجيب على المعتم من السؤال، الشعر بعد التحرير لا يُعيد رسم الألم فقط، بل يُعيد تشكيل الذاكرة من أجل بقاء أكثر سمواً.

– ما هي أكثر المشاهد الواقعية التي حركت بوحك الشعري؟

كل مشهد كان له ركنه الخاص في ذاكرتي، لكن أكثرها قسوة كان مشهد الأطفال الذين خنقهم الطاغية بشار المجرم بغاز السارين، والأطفال الذين كانوا ينتشلونهم من تحت ردم براميله والذين غرقوا في البحار.

بينما ظلّ الضمير العالمي يتاجر بمأساتهم.. موتنا كان مختلفاً، لا يوجد على الكرة الأرضية موت يتحدث بكل اللغات سوى موتنا السوري.

عبر التاريخ، لم يحدث أن توحّد طغاة العالم جميعاً ضد الإنسانية، كما حدث معنا، ويحدث الآن في غزة، حتى صورنا على الشاشات أصبحت تثير الملل لدى شعوب الأرض التي اعتادت على الحروب والمآسي، لكن، هل كان ذلك مجرد ملل؟ أم خوفاً من العقل السوري الذي حاولوا القضاء عليه؟

 

هل كان الهدف تصفية العقل السوري، كما صُفِّي علماء العراق؟ أم لأننا النواة الوحيدة الباقية من إرث حضاري وإسلامي أرادوا تشويهه؟ أم أننا كنا الخلايا الجذعية الوطنية القادرة على التجدد، وكان لابد من إتلافها بسرعة أو ببطء؟

– ونحن في وسط المعاناة ومع الاهتمام بالأولويات كيف يمكن أن نشد الناس للصوت الشعري؟

ليس هذا دور الشعر، فالشعر لا يسعى لجذب الناس إليه، بل يعيش معهم، يتغلغل في تفاصيل حياتهم، بغض النظر عن طبقاتهم وظروفهم، بائع الخضار يمارس الشعر عندما يروّج لبضاعته: “أصابع البوبو يا خيار، خاين يا طرخون!” وغير ذلك من العبارات التي تحمل موسيقا الحياة اليومية.

ما يجعل الناس أكثر قابلية للإحساس بالجمال والشعر هو الاستقرار والحرية، والحقيقة البسيطة هي أن الإنسان العربي، في ظل الديكتاتوريات، فقد قدرته على الالتفات إلى الجماليات، لأن أولوياته تصبح محصورة في الأساسيات.

تاريخياً.. المجتمعات التي تُرهقها الحروب والاستبداد والفقر لا تستهلك الفن كما تفعل المجتمعات الحرة والمستقرة، بل يتحول الفن فيها إلى شكل من أشكال المقاومة أو الشهادة على الواقع، لكن رغم كل ذلك، يبقى الشعر حاضراً، حتى في أكثر اللحظات قتامة، ربما ليس في المنابر الرسمية، لكن في الهامش، في الأغاني الشعبية، في العبارات العابرة، في الغضب والرفض والأمل.

وكما أقول دائماً: مَنْ كانت ثورته عظيمة كانت نتائجها والتآمر عليها أعظم، من يليق به الحزن، يليق به الفرح والفنون.

– كيف عشت لحظة 8 كانون الأول؟

في ذلك اليوم لم أستطع النوم، في الصباح الباكر عندما أعلن المذيع: سوريا الآن من دون الأسد، تحققت المعجزة التي انتظرتها طويلاً، ولم أجد طريقة للاحتفال سوى الرقص والزغاريد والبكاء.

عندما يجن بك الفرح، ماذا تفعلين؟

في تلك اللحظة، لم تعد تسعني لا السيارة ولا الدنيا، وسط الشارع، ومع نظرات الدهشة من حولي والفرح، كانت الهواتف تُسجل، وكانت الحياة تتسع لي كما لم تفعل من قبل، كيف يتحول الإنسان الأكاديمي والرصين إلى كائن بدائي يرقص كأنه جزء من الطبيعة؟ لا أعرف.. لكنني كنت زوربا السورية، أرقص لأن الحياة منحتني لحظة تستحق الجنون.

– لحظات استثنائية في حياتك خلال سنوات الجمر أو حتى ما بعدها؟

يظن البعض أننا تمتعنا بالحياة حين تركنا أوطاننا عنوة، لا يعلمون أن أماكننا الجديدة سلبتنا كل الألق والشغف وهبطنا إلى حيث لا نجمة تطالنا ولا ضوء.

والأسوأ أنها سحبت منا الشعور بحضارة مختزنة منذ آلاف العصور، وحولتنا إلى مادة تُنعشُ الآخرين وتصيبنا بالجفاف والتصحر، المنفى تجربة مريرة..

( تأوي لغابة سرّكَ ليلاً دروبُ المِحن

وأنت تلوذُ بعزة نفسك، تسأل أينكْ؟!

تُفتش عنكَ

فتلقى ظلالك أَسْرَتْ بدونك عند الوطن.)

اللحظة الاستثنائية الثانية التي أتت فيما بعد كانت في المطار، دخلت وكنت ألفُّ البلد بشرشف الزمن الذي غدر بنا مدينة مدينة..

أشمّه بشهقة الأمهات اللواتي أضعن أبناءهن وقت الزلازل

أعانقه بغبار السنين التي راكمت غدرها على شعره الأشيب

اعتذر عن غيابي الطويل بأنّة الجدات المكللات بالأسود

أمد قلبي إلى حزنه المكبوت كما تمد السفن صواريها للرياح

ألمُه بأنامل الغجريات اللواتي يقطفن الخبيزة والهندباء من الفلاة مع الندى وأضعه في حضني كأم ذبحها الشوق وأحياها الياسمين.

حينها كان ضابط الدخول يمهر جوازي بقوله: يوجد وسام على صدرك فأنت مطلوبة لفرع الخطيب وما أدراك ما فرع الخطيب…؟!!!

آخر الأخبار
بيدرسون: على مجلس الأمن الضغط على إسرائيل للانسحاب من سوريا Middle East Eye: احتلال إسرائيل لأراض سورية جديدة يعكس عقلية استعمارية توسعية The Conversation لماذا لا يعود العديد من اللاجئين السوريين إلى ديارهم؟ "التحالف الدولي" يعلن القضاء على أحد قياديي "داعش" في سوريا "لمسة وردية".. تقدير للأمهات في عيدهن مناقشة خطة تدريب سياسة صون الطفل مع منظمة "كيمونكس" إلى جانب العلاقات الثنائية.. فيدان يبحث في واشنطن غداً التطورات في سوريا ورفع العقوبات حرب التصريحات تتصاعد.. العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى أين؟ نقص السيولة وتعطّل الصرافات.. شكاوى على مكتب المصرف العقاري بالقنيطرة The New Arab: قيود عراقية تمنع ضباطاً سوريين سابقين من مغادرة معسكر التاجي "الأوروبي" ومصر: سندعم سوريا خلال المرحلة الراهنة الصفدي: على المجتمع الدولي اتخاذ موقف فاعل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا من نتائجه نشوء اقتصاد احتكار القلّة.. أسباب فشل التحوُّل إلى اقتصاد السّوق الاجتماعي في سوريا الملك الأردني يجدد دعم بلاده لسيادة ووحدة سوريا إسرائيل تدير ظهرها للقوانين الدولية تحت الحماية الأميركية من داخل مجلس الأمن.. إدانة عربية لاعتداءا... واشنطن تحدد مطالبها من سوريا وتتوقع رفع العقوبات أردوغان: الظلم الواقع على الفلسطينيين سينتهي كما انتهى على السوريين الأمم المتحدة تعلن عودة أكثر من مليون لاجئ إلى سوريا في رسالة إلى الشرع.. بوتين يؤكد استعداد روسيا لتطوير التعاون مع سوريا سوريا وألمانيا نحو علاقات صحيحة ومتوازنة الشرع يستقبل بيربوك.. وبرلين تعيد افتتاح سفارتها بدمشق