الثورة – عمار النعمة
هو واحد من المبدعين الذين تركوا بصمة دامغة في عالم الأدب، جمع بين السياسة والطب والأدب فكان في كل مكان له خطوة بل خطوات تشي بأنه مبدع في كل ميادين الحياة، إنه عبد السلام العجيلي الذي تحل ذكرى رحيله هذه الأيام.. فهو النائب في البرلمان السوري حينها والوزير. ولد عبد السلام العجيلي عام 1918، في مدينة الرقة السورية، المدينة الفراتية الصحراوية فكان في نتاجه كما في شخصه، متسقاً مع قناعاته التي هي في نفسه. في عام 1938 حصل العجيلي على الشهادة الثانوية لينتقل بعدها إلى دمشق للدراسة في كلية الطب البشري التي تخرج فيها عام 1945، وانتخب عام 1947 نائباً عن مدينة الرقة في مجلس النواب الذي شُكّل أيام انقلاب حسني الزعيم، ومع حلول النكبة الفلسطينية عام 1948، التحق بجيش الإنقاذ للقتال من أجل فلسطين. وقال العجيلي تعقيباً على ذلك: “وفي غمرة تلك الفترة الحرجة، وجدتني أهجر مهامي كنائب في المجلس، وألتحق متطوعاً بمجاهدي فوج اليرموك الثاني من جيش الإنقاذ، وهو الفوج السوري من ذلك الجيش”. وبعد العودة من فلسطين عمل العجيلي طبيباً في مدينته قبل أن يكتب أول مجموعة قصصية تحت اسم “بنت الساحرة”، وتتضمن عشر قصص قصيرة، ونُشرت عام 1948. قدّم العجيلي عام 1951 مجموعة شعرية حملت اسم “ليالٍ ونجوم”، ومجموعة قصصية تحت عنوان “ساعة الملازم”، وتتكون من تسع قصص قصيرة، وفي العام نفسه سافر إلى فرنسا ليفتتح بتلك الرحلة التي استمرت ستة أشهر، نحو 20 عاماً من الأسفار بين دول العالم، شكّلت مصدر إلهام في تلك الفترة لتقديم المزيد على صعيد الأدب. وبين عامي 1954 و1958، ألف العجيلي كتاب “حكايات من الرحلات” الذي يندرج ضمن أدب الرحلات، وهو نوع أدبي قائم مثل أدب المراسلات وأدب الاعتراف وأدب السجون، بالإضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان “قناديل إشبيلية”، كما كتب عام 1959 روايته الأولى “باسمة بين الدموع”، والمجموعة القصصية “الحب والنفس”، ثم جاءت رواية “رصيف العذراء السوداء” والمجموعة القصصية “الخائن” عام 1960.
ترجل فارس الكلمة الذي ولد على ضفاف نهر الفرات عن عمر الثمانية والثمانين عاماً، الحاصل على وسام الاستحقاق السوري، المبدع الذي كتب عنه أصدقاؤه الكثير الكثير، والأهم أن بعض أعماله مازالت محفورة في وجداننا.
في ذكرى الرحيل لابد من أن نستذكر مبدعينا الذين جعلوا للأدب معنى وطعماً ومذاقاً، فهو كما قال عنه الناقد السوري فيصل خرتش: عبد السلام العجيلي كان نسراً محلقاً، مثلما كان حمامة وديعة وحرفاً عذباً وأغنية آسرة، موجود دائماً على المفارق التاريخية الفنية العربية الحديثة.