جاءت الزيارة الاستثنائية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى واشنطن، وسط غموضٍ كبير يلفّ أهدافها ونتائجها المتوقّعة. وأثارت هذه الزيارة، التي جاءت بشكل مفاجئ وبترتيب غير مسبوق، من دون أي تحضيرات علنية، تساؤلات عديدة حول توقيتها وأجندتها الخفية، خصوصاً أنّ الإعلان عنها بدا وكأنّه أقرب إلى «استدعاءٍ» من البيت الأبيض، أكثر منه دعوة رسمية متّفقاً عليها بين الجانبين.
وزاد من ضبابية الزيارة، الإعلان الأميركي المفاجئ، مساء أمس، عن إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك، والذي كان مقرّراً بعد اللقاء بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في «البيت الأبيض»، حيث استُعيض عنه بإدخال عدد محدود من الصحافيين إلى المكتب البيضاوي، والسماح لهم بطرح الأسئلة على الرجلين.
المفاجأة الكبيرة من نتائج اللقاء، أن نتنياهو تلقى صفعة وصداً من قبل ترامب، حين أكد الأخير على ضرورة وقف القتال في غزة، حيث قال ترامب إنه يودّ أن يرى هذه الحرب تتوقف، مشيراً إلى أن إدارته تسعى بكل جهد للتوصل إلى اتفاق آخر لوقف إطلاق النار في غزة.
وهو الأمر الذي حاول نتنياهو استعادته بكل المحاولات للإبقاء على ممارسة سياسة القتل التي يعتمدها لتحقيق أي إنجاز على الفلسطينيين. الصد الآخر عندما جاء الحديث عن الوضع في سوريا وتدهور علاقات “إسرائيل” مع تركيا، إذ رفض ترامب أن تكون سورية ساحة لتصفية الحسابات بين “إسرائيل” وتركيا. أي أن على “إسرائيل” أن تنسق بشكل دقيق ومتواصل مع الولايات المتحدة، خصوصاً لتفادي أي تصعيد محتمل بين حلفاء واشنطن في المنطقة، ولاسيما في ظل التعقيدات والتداخل بين الملفات المطروحة.
وحتى الآن، لم يتّضح الهدف الحقيقي من وراء استدعاء نتنياهو إلى واشنطن، وما إذا كانت الضبابية التي رافقت الزيارة تشير إلى أجندة خفية غير معلنة، أم أنها مجرد انعكاس لارتجال واضح في التخطيط والإعداد.
تبقى التساؤلات والخيارات مفتوحة بشأن ما أراده ترامب بالفعل من استدعاء نتنياهو بهذه الطريقة، ما يفتح باب التكهنات على مصراعيه وراء احتمال وجود «حدث معين» يجري الإعداد له في الكواليس، ويشكل استعجال قدوم نتنياهو جزءاً من ترتيب واشنطن له، خاصةً في ظل المفاوضات المباشرة الجارية حالياً مع الجانب الإيراني، وهي فرضية قد تتّضح صحتها من عدمها خلال الأيام المقبلة.