الثورة – رنا بدري سلوم:
“في عالم كلّه فراغ، ما نفع الحكمة وهي تحترق” جملة تتصدّر لوحة فنيّة تُشبّه الوطن بامرأة متكوّرة على جرحها المذبوح، وهي اليوم تعود حرّة في احتواء أجزائها وتضميد جراحها بعد أن أخرجت سهم الغدر من أقرب الناس إليّها، وكأنّ الموت كان لها بالمرصاد، لكن سرعان ما ربت الزمن على كتفها ليخرج من رأسها دخان الحرب وتداعياتها، وتطرد غربان القهر من أعشاشها، هي لوحة فنيّة رَسمتها بالإكريليك الفنانة فيفيان الصايغ، التي تركت للمشاهد حريّة التعبير بقراءة ما رسمت، ومن المعروف عنها أنها تتجاوز في لوحاتها الممكن والمعقول، فلا تحدّها جهات ولا حدود ولا أفكار، هكذا تعبّر عن رأيها وموقفها بحريّة اللون وتمرّده بعد مقارعة طويلة بين الممكن والمستحيل.
تحدثت “فيفيان” في تصريحها لصحيفة الثورة عن لوحاتٍ رسمتها، كانت ريشتها ترسم روحها فرحها حلمها وأمانيها، لم ترسم يوماً من أجل معارض أو لغرض الاقتناء بل كان لها مع اللون حديث طويل يستغرق الوقت كلّه ويحتلّ المكان حتى تخرج من مرسمها وهي مفعمة باللون مندّاة بأبجديات الحياة.
ولم تغب الوجوه والملامح عن ديمومة فنّها التشكيليّ، فهي تؤنسن القضايا الإنسانيّة والاجتماعية الحب الظلم الخيانة الحقد الأمل، مفردات عديدة أجادت الصايغ بنقلها حرفيّاً بريشة ولون إلى مخيّلتنا فسكنت ذاكرتنا، تبكينا حيناً وتضحكنا حيناً آخر، لتقول لنا: إنه الإنسان من “لحنٍ ولون”، لون قد يكون فاقعاً وقد يكون باهتاً مستكيناً صامتاً من هول الصدّمة.
وصفت الفنانة الصايغ اللوحات “كشاهدٍ على الحدث”، مؤكدة في نهاية حديثها أن تلك اللوحات تعتبر من أجمل أعمالها الفنيّة وأصدقها في سكب مشاعرها وتفريغ العواطف الإنسانية التي نحتاج أن نمتلئ بها في كل وقت وزمان.