كأنها قصفت كل بيت سوري ليس لأن الساكن في قصر الشعب رئيس بل لأنه قصر القرار السوري.. هناك قد تتشظى السيادة واللحمة إذا لم نعترف أن قصف إسرائيل لقصر الرئاسة أو على بعد أمتار منه هو استهداف لوحدتنا الوطنية قبل كل شيء وهو رسالة مكتوبة بحبر التهديد على شفير الانهيارات.
إسرائيل لم تقصف في حالة حرب بل تسللت كالنمل الهالك من ثقوب عيوبنا من ثقوب الجهل بهويتنا بانتمائنا وخلل إدارة الموقف والبلاد.. هو حدث غير مسبوق في تاريخ صراعنا مع العدو الإسرائيلي وهو حدث نشترك جميعاً دولة وشعب في مواجهته.
لايحتمل الجسد السوري التشرذم ولا تقسيم الحصص، ويحق للجميع التألم والصراخ في هذا الوادي السياسي المرعب، ليس في سوريا بل في المنطقة كلها، ولكن أي محاولة للانكفاء والانطواء والانغلاق داخل خرائط صغيرة ضمن الجسد السوري هو انتحار بسم يقتلنا ويحي أعداءنا.. الحال السوري شائك…ومعقدة هي مرحلة الانتقال لكن قرابين العيش المشترك أقل تكلفة من أن نكون جميعاً على مذبح التقسيم.
عبارة الوحدة الوطنية تهز في داخل كل سوري انتماءه توقظه بينما هناك من يسعى لإدخاله في كوما الحمايات والأقليات والعبارات الغريبة التي طفت على وجه المرحلة.. كيف للسوري أن ينعت الآخر بالأقلية، ونحن كلنا جذور ضاربة في عمق تاريخ هذا الوطن.. نحن آراميون.. وآشوريون.. وفينيقيون.. وغساسنه.. وأمويون.. وعباسيون.. والتاريخ يبدأ من دمشق من أنامل السوريين الذين قدموا اول أبجدية للعالم، فكيف لنا أن نفقد لغة الحوار وتهرب من فمنا الكلمة.. في البدء كانت الكلمة وتبقى فوق السلاح والطائفية.
هذا الوطن الذي يحتاج الكثير من الحكمة الكثير من التعقل والاعتدال ونبذ التطرف.. تلك المظاهر التي تحرس التطرف على أبواب مستقبلنا، ستغلق البوابة السورية على ظلام دامس، وهذا الاحتماء بالأعداء هو كالمستجير من الرمضاء بالنار.. لاشيء يطفىء نيران الفتنة إلا إذا كتبنا على بوابة المرحلة:
كلنا سوريون..
