نحن نسعى لأن يكون الشرق الأوسط أوروبا الجديدة …بهذه الكلمات تفرد الرياض خرائطها السياسية على طاولة القمم في المنطقة، وخاصة في القمة مع ترامب، فالسعودية باتت تدرك أن السلام في المنطقة مفتاح الحلول، وأن الشعوب العربية قهرت وشردت وجوعت بما يكفي لأن تتغير سياسة المتاجرة بقضاياها، وتتوقف أساليب بسط النفوذ كما فعلت إيران مثلا تحت ذريعة حراسة القضية الفلسطينية، وبحجتها أرسلت حراسها للعبث في سوريا ولبنان والعراق وحتى اليمن .
كل تلك السياسات المتاجرة بقضايا العرب جر المنطقة للتشرذم، ورفعت عداد الموت حتى انفجر فواجع دخلت إلى معظم بيوت السوريين والفلسطينيين وغيرهم، واستمر الألم حتى قلبت الثورة في سوريا الطاولة السياسية في الشرق الأوسط كله، وفتح الطريق مجدداً لأن تأخذ السعودية دورها السياسي التاريخي بوصفها عمود بيت العرب والبوابة التي تدخل منها أميركا لتصافح المنطقة بنيات احترام سيادة الدول وتبادل المصالح.
كثيرة هي الأسئلة حول لهفة السعودية على مساندة السوريين والأخذ بيدهم بعد سنوات حرب منهكة.
لا يخفى على أحد أن سوريا في مرحلة الاعمار التي ننتظرها، تشكل سوقاً استثمارياً تتمناه كبار الدول، ناهيك عن موقعها الذي يعتبر بوابة للبحر الأبيض المتوسط، وجسراً تجارياً بين أوروبا وآسيا، وحبلاً سرياً يمر منه الغاز الإسلامي من قطر والسعودية إلى تركيا وأوروبا، كل ذلك وأكثر هي سوريا بالنسبة للسعودية ودول المنطقة، ولكن الأهم هي العلاقة الوثيقة في التاريخ السياسي بين الرياض ودمشق، هنا حيث هذه المعادلة الموزونة بين البلدين لطالما ضبطت إيقاع المنطقة بأكملها، ولطالما كانا البلدان مركز العمرة السياسية لكل من يطوف بالتوازنات والاتفاقات في الشرق الأوسط.
