الثورة – حسين صقر:
رغم التعاطي مع الصحافة الالكترونية، بات من السهولة بمكان لجهة سهولة إنتاج الخبر ونشره، وتعدد خيارات المواقع والمواد والمقالات والتحليلات وسهولة التبادل، لكن الكثيرين يعتبرون أن الصحافة الورقية توازي وجبة طعام كاملة بعد جوع، أو كأس ماء بعد ظمأ، أو ربما فنجان قهوة لتعديل المزاج، ورائحتها كأريج رغيف يخرج للتو من الفرن، وبالتالي مهما غابت الصحف الورقية عن أيدي هؤلاء القراء، فلن تبرح ذاكرتهم وباقية في وجدانهم، ولهذا سوف تبقى الصحيفة الورقية مرجعية أساسية، لأنها توثق الخبر بعد تأكيد مصداقيته، في وقت تنتشر فيه الشائعات كالنار في الهشيم.
بفارغ الصبر
وفي هذا السياق، أكد عدد من القراء الذين ينتظرون عودة الصحف أن عودتها يعطي قيمة كبيرة للمعلومة وتفاصيلها، ولاسيما إذا صيغت بطريقة مهنية وموضوعية، وهو ما يجعلها مطلب كل من يبحث عن الحقيقة والكلمة الحرة المسؤولة، ولهذا ينتظرونها بفارغ الصبر.
وقالت راوية أحمد وهي محامية: نرى اليوم ونقرأ عبر مواقع التواصل مطالب كثيرة باستئناف طباعة الصحف الورقية، وذلك بالتزامن مع قرار رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، بعد أن غابت تلك الصحف عن المشهد واكتفت بالنسخ الرقمي والنشر الحاسوبي، لكنها لم تلبّ رغبة القراء الذين يقبلون على قراءة الورق بنهم مختلف، وخاصة مع اشتمام رائحته بين أيديهم كرغيف يخرج من بيت النار.
ذاكرة وطن
بدورها قالت الصحفية أمل الحلبي: لكون الانترنت لا يتوافر بأيدي الجميع وغير متاح في جميع المناطق، يبقى للصحافة المكتوبة حاجتها ورونقها ومتابعيها، ولاسيما أنها تمثل ذاكرة وطن ووثيقة صدق.
وأضافت: ترتبط مطالب المهتمين والقائمين من صحافيين ومؤسسات إعلامية ومنظمات ونقابات مهنية بعودتها بمدى أهميتها لما تقدمه من خيارات وتنوع في المعلومة.
فيما قال صادق البني، وهو موظف: إن توقف الصحف المكتوبة جاء قبل سنوات بعد انتشار فيروس كورونا، لكن ومع زوال هذا المرض منذ فترة طويلة، لابد من استئناف طباعة الصحف، موضحاً أنه لن تفقد الصحافة قراءها الأوفياء بوجود الكثيرين حول العالم الذين يداومون على طقسها، ويصرون على أن ثورة الإعلام الحديث لا تمنح متعة القراءة الورقية، مضيفاً أنا من جيل الحبر والورق، والجريدة بالنسبة لي كالغذاء الذي أحتاجه يوميا، ورغم كل محاولات ترويضي لأصبح كائناً الكترونيا، إلا أنها فشلت، وبقيتُ وفيا للورق.
مبررات واهية
من ناحيته أكد الطبيب حمادة عليان، رداً على ما قيل آنذاك حول أضرار الصحف الورقية في ظل انتشار “كورونا” أن تلك الصحف أقل “مضرة” من العملات الورقية المتداولة بين الناس، فضلاً عن أن للصحف قيمة وطنية مهمة وكبيرة ولابد من إعادة طباعتها.
وأشار إلى أنه من اللافت أن عدم طباعتها انعكس بشكل متناقض على وسائل الإعلام، إذ تسبب ذلك بزيادة اهتمام الجمهور، بشكل غير مسبوق، بوسائل الإعلام التقليدية وخصوصاً التلفزيون.
فهم القضايا المعقدة
وفي هذا الإطار يؤكد عدد من خبراء الإعلام والاتصال عبر تقارير كثيرة أن الصحافة الورقية وحدها تمكن من فهم المسائل المعقدة والقضايا التي تحتاج إلى نقاش، موضحين أنه كان للشائعات والأخبار الكاذبة التي انتشرت على المنصات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، تأثير على وسائل الإعلام التقليدية، وأعادت الاعتبار للمهنية والمصداقية، ولاسيما أنها الأداة الرئيسية لنقل تصريحات المسؤولين والبيانات الرسمية بشكل موثوق، بينما كانت الصحافة الورقية الضحية الأبرز في ظل هذه الظروف.