أحمد نور الرسلان:
سلّطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الضوء على التغييرات الجذرية التي أحدثها التقارب السوري الأميركي، عقب اللقاء التاريخي بين الرئيس أحمد الشرع ونظيره الأميركي دونالد ترامب في الرياض، معتبرة أن الانفتاح المفاجئ لإدارة ترامب على دمشق أحدث إرباكاً عميقاً في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تجاه سوريا والمنطقة.
ووفقاً للتقرير، فإن الحكومة الإسرائيلية، التي كانت تراهن على هشاشة الوضع في سوريا لإحكام قبضتها الأمنية في الجولان وتعزيز استراتيجيتها الدفاعية، فوجئت بالتحول السياسي الذي منح الشرع، الزعيم السوري الجديد، شريان حياة دبلوماسي غير متوقع، وجعل من الصعب المضي في سياسة فرض واقع جديد على الحدود الشمالية.
ونقلت الصحيفة عن “كارميت فالنسي”، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بدأت مراجعة حساباتها، وباتت تميل إلى تجنّب التصعيد المباشر، في ضوء التحولات الجارية في العلاقة بين واشنطن ودمشق.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لم تُصدر حتى الآن أي تصريحات عدائية تجاه إسرائيل، بل عبّرت عن رغبتها في إنهاء الحرب والتوجه نحو السلام، ما اعتبره مراقبون في الصحيفة “غصن زيتون” قدمه الشرع بدعم مباشر من واشنطن. إلا أن هذا الانفتاح، بحسب الصحيفة، يُعقّد الموقف الإسرائيلي، في ظل ازدياد القلق داخل تل أبيب من تغيّر قواعد اللعبة الإقليمية.
وفي هذا الإطار، أعرب مسؤولون أمنيون إسرائيليون عن شكوكهم إزاء نوايا الإدارة السورية الجديدة، مرجّحين احتمال انزلاقها نحو التشدد لاحقاً، بل وتحوّلها إلى سلطة ذات ميول إسلامية مناهضة لإسرائيل، رغم إشارات الانفتاح الحالية.
وأشارت الصحيفة إلى تصاعد الجدل داخل إسرائيل حول فاعلية الحملة الجوية المتواصلة في سوريا، خاصة بعد انتقادات أوروبية رسمية، أبرزها من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي عبّر عن قلقه من الانعكاسات الإنسانية والسياسية للغارات المتكررة.
في السياق ذاته، حذّر تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من أن مواصلة الضربات العسكرية قد تأتي بنتائج عكسية، قائلاً: “نحن بصدد خلق بيئة من التطرف الذي نسعى إلى ردعه، لا القضاء عليه”، ودعا إلى إعادة تقييم المهام والاستراتيجيات العسكرية القائمة.
من جهته، كشف يعقوب أميدرور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، عن هواجس أخرى تتعلق بالنفوذ التركي المتزايد في سوريا، محذراً من احتمال نشوء صراع في حال حاولت أنقرة توسيع وجودها العسكري في الأراضي السورية أو تقديم دعم عسكري مباشر للسلطة السورية الجديدة، بشكل يمس بأمن إسرائيل الاستراتيجي.
واختتمت “نيويورك تايمز” تقريرها بالتأكيد أن الانفتاح الأميركي على سوريا يمثّل تحولاً كبيراً في السياسة الخارجية لواشنطن، ويعيد تشكيل التحالفات في الشرق الأوسط، وسط تساؤلات متزايدة في تل أبيب عن مستقبل الاستقرار الإقليمي، ودور إسرائيل في المعادلة الجديدة التي تتبلور بسرعة.