الثورة – رفاه الدروبي:
يبعد قصر الحير الغربي نحو 60 كم جنوب غرب تدمر، ويحتل موقعاً مهماً كونه يمثٌّل التقاء طرق القوافل المارة في البادية، ويعتبر من أهمِّ القصور الصحراوية، بُني في عهد هشام بن عبد الملك، والمًؤرّخ على “ساكف” باب الخان أنَّه تمَّ عام 109هجري، واعتمد علماء الآثار التاريخ المذكور لبناء القصر.
رئيس القسم الإسلامي الدكتورة نفين سعد الدين أفادت أنَّه وجِدت في القصر لوحات رسم أرضية، وأخرى على جص جدارية “فريسكات” ما يدلُّ على استمرار تقاليد الفن المحلي، وتواصلها مع فنون بلاد الفرس والروم في الحقبة الإسلامية المبكرة، باعتبار العناصر المائية في القصر تحتوي على السد المعروف بسد خربقة الواقع جنوب غرب القصر، وتمتدُّ منه قناة تحت الأرض تصل حتى القصر، ثم تتفرَّع إلى الحمام والبركة والبستان والطاحونة، أمَّا الخان فيقع على بعد 10كم شمال غرب القصر ويُعرَف بخان الملح.
وأشارت الدكتورة نفين إلى أنَّ الحمام شكله شبه مربَّع، وجدرانه من الآجر المشوي وأساساته من الحجر، وله باحة مركزية، يقع في الجهة الشمالية الغربية أيضاً، ويتكوَّن من قسمين: القسم البارد ويتألف من أربع غرف، واحدة منها تحتوي على محراب، والقسم الساخن يقع فوق بيت النار، ويتكوَّن من ثلاث غرف.
بينما القصر أقرب إلى الحصن، ذي الشكل المربع، بني من حجارة كلسية ثم أتمّ باللبن، ويحتوي ثلاث زوايا خارجية على أبراج دائرية، أمَّا الزاوية الشمالية الغربية، فتمَّت المحافظة فيها على برج بيزنطي مربع يعود إلى القرن 6م، ويوجد في الضلع الشرقي برجان نصف دائريين يحيطان بالبوابة، وفيهما زخرفة من الجص المحفور بأساليب هندسية نباتية، وهناك شرفتان كبيرتان أعلى البرجين، ونوافذ ضيِّقة تشبه المرامي، وتمَّ نقل الواجهة العظيمة إلى مدخل متحف دمشق الوطني في أربعينات القرن العشرين.
كما أوضحت بأنَّ مدخل القصر يؤدِّي إلى دهليز مسقوف مع الرواق، ويحيط بباحة مركزية مربَّعة الشكل، حيث يتكوَّن البناء من طابقين، ينقسمان إلى ستة أقسام مستقلة مُوزَّعة حول الباحة، وتقع فوق أبواب الغرف أقواس جصِّيَّة مُخرَّمة للتهوية والإضاءة، تشتهر بغنى زينتها الفنيّة باللوحات، والنقوش والتماثيل الجصِّيَّة الحاملة تمثيلات إنسانية نادرة في الفن الإسلامي، نظراً لابتعاده عن الرسوم الإنسانية والحيوانية، إلا أنَّ وجودها في الواجهة يدلُّ على تأثُّر الفن الأموي بالفن البيزنطي.