الثورة – حسين روماني:
اجتمع العشرات من الشباب والمثقفين مساء الأمس، في قلب دمشق القديمة، لإحياء الذكرى الثالثة عشرة لاستشهاد المخرج السينمائي باسل شحادة بقصف النظام البائد على مدينة حمص ٢٠١٢. وقد كتب أصدقاؤه “لسا بيشتقلك الطريق”، ونظموا هذه الأمسية، فامتلأ بيت (فارحي) بروحه الحاضرة، في صورة باسمة، وكلمات مؤثرة، وعرض لأفلامه التي وثّقت الثورة بحسٍ إنساني عميق.
وفاءً للغائبين
افتُتحت الفعالية بكلمات من أصدقاء باسل، أبرزها للصحفية وفاء علي مصطفى التي شكرت الحضور، معتبرة مشاركتهم امتداداً لذاكرة الغائبين من معتقلين ومغيبين، ورسالة وفاء لسوريا الحرّة، استعادت لحظة خاصة مع باسل حين وضع كاميرته على نعش شهيد في كفرسوسة، قائلاً: “كأن الشهيد يرى من حوله”، في تعبير عن رؤيته الإخراجية العميقة.
زينة شهلا، تحدثت عن علاقتها الوثيقة به منذ دراستهما للهندسة، وكيف اختار ترك دراسة الإخراج في أميركا ليصور الثورة بكاميرته في مختلف المحافظات، حتى استشهاده في حمص، والصعوبات التي رافقت دفنه وتأبينه، وصولاً لنقل رفاته سراً إلى دمشق.
الصورة تتكلّم
وعلى الشاشة الكبيرة، قدّمت الصحفية لينا الحافظ أفلام الراحل، مستهلة الحديث بفيلم “ميري كريسمس في حمص”، الذي صوّره باسل خلال عيد الميلاد، موثقاً شهادات رجال ونساء شاركوا في الثورة.
قدّمه بطريقة بصريّة تخفّي الملامح وتحفظ الوجوه، تاركاً المجال للكلمة كي تقول كلّ شيء.
وانتقلت إلى فيلم “شوارعنا”، التي كانت شاهدة على تصويره في عدد من المحافظات.. فيلمٌ لم يكتمل، وضاع قرصه الصلب، لكنه عاد إلى الحياة بعد استرجاع الملفات التالفة، ورغم أن النسخة المعروضة كانت غير نهائية، فإنها حملت جوهر ما أراد باسل أن يقوله.
شهادات لا تعرف النسيا
وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل (هند قبوات) كانت من الحاضرين وخصّت صحيفة الثورة بشعورها في هذه اللحظة، إذ قالت: “من المحزن ألا يكون باسل بيننا، لأنه ترك كلّ المغريات والأحلام ليكون معنا كي يرى نهار الحريّة، لم نستطع توديعه حين استُشهد، لكننا اليوم، بعد سقوط النظام البائد، نمنحه عزاء يليق به، سعيدة بأننا نتذكره اليوم وهذه الذكرى تعني لنا الكثير، فعندما نتذكّر من ضحى لأجل بلادنا فإننا سنحافظ على حريتها”.
صديق الشهيد وسيم عثمان حدثنا عن حضوره اليوم، فقال: “جئتُ لأتذكّر باسل الذي كان مثقفاً، شغوفاً، وموهوباً، أفلامه أعادتني لبدايات الثورة، وخاصّة شوارعنا، الذي جمع فيه أصواتاً من مختلف أنحاء سوريا، فحفظت ذاكرة الثّورة وأبّقته حاضراً بيننا”.
الفنان وصفي المعصراني شاركنا عما كان يعني له الراحل بقوله: “كان باسل نقطة تحوّل كبيرة في فهم الثّورة.. شابٌ، أثبت أن ما جرى لم يكن مؤامرة ولا مشروعاً دينياً، بل صرخة وطنيّة خالصة، ابن البلد الذي لم يسأله أحد عن معتقده، بل عن موقفه، رأى الإجرام بعيّنه، ووقف في وجهه قائلاً: لا، وهو بنظري نجم في سماء الثورة”.