Atlantic Council التحولات في المنطقة تتيح للعراق فرصة نادرة لبدء فصل جديد مع سوريا

الثورة- ترجمة هبه علي:

تحت حكم حزب البعث، كانت لسوريا خلافات طويلة الأمد مع العراق، قبل اندلاع الاضطرابات في سوريا، على سبيل المثال، اتهم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الأسد بإرسال مسلحين وإرهابيين إلى البلاد، لكن العلاقات الاقتصادية، التي يعود جزء منها إلى تدفق 1.2 مليون لاجئ عراقي إلى سوريا خلال أوائل القرن الحادي والعشرين، خففت من حدة العداء.

خلال هذه الفترة، بلغ حجم التبادل التجاري بين سوريا والعراق ذروته عند أربعة مليارات دولار أمريكي سنوياً، في ذلك الوقت، كانت سوريا تمثل 60% من واردات العراق.

لم يستغل العراق قدراته الزراعية بشكل كافٍ لسنوات، واعتمد على سوريا في أمنه الغذائي، ومن خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا الجديدة عبر اتفاقيات تجارية، وبنية تحتية للنقل، واستثمارات فعّالة، يمكن للعراق مضاعفة ثمار التعاون وضمان أمن المياه والغذاء والوقود.

منذ الإطاحة التاريخية بنظام الأسد في سوريا، أرسلت بغداد ثلاثة وفود على رأسها مسؤولون رفيعو المستوى للقاء مسؤولين من الحكومة الجديدة في دمشق.

في هذه الأثناء، وبينما ينفتح الغرب تدريجياً على الحكومة السورية الجديدة، ينبغي على العراق أيضاً أن يشارك في جهود البلاد لإعادة بناء نفسها كجار مؤثر.

قطاع الطاقة العراقي، على وجه الخصوص، هو قطاع مؤسسي وناضج، ويمكن لشركات النفط الوطنية العراقية أن تعرض استثماراتها في الموارد الطبيعية السورية.

لم يخلّف تراجع نفوذ إيران في المنطقة فراغاً سياسياً فحسب، بل خلّف فراغاً اقتصادياً أيضاً، يقدّر بعشرات مليارات من الدولارات، ولدى بغداد الآن فرصة ذهبية لتعزيز اقتصادها وعلاقاتها الإقليمية من خلال تسهيل دخول العمال السوريين وتوظيفهم بشكل قانوني في القطاع الخاص، وبصفتهم مصدر للعمالة الماهرة وبأسعار معقولة، يمكن للعمال السوريين المساعدة في تلبية احتياجات العمالة المحلية في القطاع الخاص، بينما يمكن لأرباحهم، التي يعاد استثمارها في الاقتصاد السوري، أن تعزز الترابط الاقتصادي بين البلدين، ومع ذلك، فإن الاستقرار يجب أن يأتي في المقام الأول قبل الازدهار الاقتصادي.

في هذه المرحلة التحولية في تاريخ المنطقة، تتاح للعراق فرصة نادرة لبدء فصل جديد مع سوريا، كان من الممكن أن يكون استقبال الرئيس السوري في بغداد في القمة العربية بمثابة خطوة عملية أولى نحو علاقة جديدة، إلا أن ذلك لم يتحقق بسبب الترهيب المستمر من جانب الميليشيات، أدت تهديدات الجهات الفاعلة غير الحكومية إلى انسحاب وإلغاء حضور العديد من رؤساء الدول من القمة، بمن فيهم الشرع، وإرسال وفود منخفضة المستوى بدلاً من ذلك.

ينبغي على الحكومة العراقية وضع آليات لتنظيم ومحاسبة الميليشيات، وغيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تتعارض مواقفها العلنية مع السياسة الرسمية للدولة، وتُهدد بتقويض العلاقات الدبلوماسية للعراق.

إن فتح قنوات اتصال فعالة بين الحكومتين العراقية والسورية أمر بالغ الأهمية في جهود تحقيق الاستقرار والتطبيع، وينبغي للحكومة العراقية مواصلة زياراتها الرسمية المنتظمة رفيعة المستوى إلى سوريا، وهذا من شأنه ضمان مشاركة العراق في القرارات الحاسمة والاستراتيجية التي تواجهها الحكومة السورية، وضمان مقعد لها على طاولة العملية الانتقالية، وينبغي أن تكون هذه الاتصالات شاملة تتجاوز المسؤولين الحكوميين، وأن تمتد إلى المجتمع المدني، والمجتمعات المحلية، والزعماء القبليين أو الدينيين، ولتمكين الازدهار بعد استتباب الأمن، ينبغي على بغداد مواصلة تحديد الفرص الاقتصادية وتعزيزها بمذكرات تفاهم واتفاقيات تجارية وصفقات استثمارية.

خلال الأشهر الستة التي تلت تغيير النظام في سوريا، شهدت زخماً استثمارياً كبيراً واهتماماً رأسمالياً من جهات إقليمية ودولية، لذلك أصبح دعم مجلس الأعمال السوري العراقي ضرورة ملحة، مع تزايد جهود إعادة إعمار سوريا من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومع تعافي الاقتصاد السوري بعد رفع العقوبات، ستوفر آراء رجال الأعمال من كلا الجانبين مدخلات حول فجوات السوق، وإمكانات الطلب، ومشاركة أصحاب المصلحة، واتجاهات الصناعة، وديناميكيات التجارة، ويمكن استخدام كل ذلك كمخطط للتعاون الاقتصادي.

على مدى السنوات الثلاث عشرة الماضية، اتسم دور العراق في سوريا بالصعوبات والتعقيد، والآن، تتاح للإدارة العراقية الحالية فرصة فتح صفحة جديدة، والمساهمة في رسم مستقبل يسوده السلام والتعاون الإقليمي.

 

 المصدر- Atlantic Council

آخر الأخبار
رقابة غائبة وتجار متحكمون.. من يدير الأسواق والأسعار؟ الخريجون الأوائل من الجامعات  للتعيين المباشر في المدارس   تأهيل ثلاث مدارس في ريف دير الزور  التنمية الإدارية تنشر قوائم تضم 40,846 مفصولاً تمهيداً لإعادتهم إلى العمل  تحالف للاقتصاد السوري السعودي.. د. إبراهيم قوشجي لـ"الثورة": لا يخلو من التحديات ويفتح أسواقاً جديد... "أوتشا": خطة إسرائيل لاحتلال غزة تنذر بكارثة إنسانية   الصناعة والتجارة الأردنية: 200إلى 250 شاحنة تدخل سوريا يومياً تعرفة الكهرباء الموجودة..  بين ضغوط "التكاليف والإمكانات"   الاتفاقية السورية- السعودية خطوة استراتيجية لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني  "إدارة الموارد المائية في ظروف الجفاف بمحافظة اللاذقية" تحديث منظومة الضخ من نبع السن وتنفيذ محطات ... مرسوم  بتعيين إبراهيم عبد الملك علبي مندوباً دائماً لسوريا في الأمم المتحدة  نيويورك تايمز: جرائم نظام الأسد تغيّب مئات الأطفال في متاهة السجون ودور الأيتام الحالة الوطنية الجامعة وتعزيز مبدأ الانتماء والهوية أرقام مبشرة في حصاد ما أنجزته "الزراعة" منذ بداية 2025 تكريم الطالبة مها الدوس بدرعا لتفوقها في شهادة التعليم الأساسي "أوقاف درعا الشعبية" تدعم المستشفيات وجرحى أحداث السويداء تطوير منظومة النقل في حلب وتنظيم قطاع المركبات الزراعة بريف حلب بين التحديات والفرص ارتفاع كبير ومفاجئ للأسعار في أسواق طرطوس.. والرقابة غائبة! "شفاء 2".. يداً بيد لتخفيف معاناة المرضى .. 100 طبيب سوري مغترب لتقديم الرعاية الطبية والجراحية المج...