الثورة – ناديا سعود:
في حادثة مميزة، استفاق مستشفى المجتهد في دمشق من غفوته المعتادة، وتحول ليوم واحد إلى ما يشبه فندقاً بخدمة الغرف على مدار الساعة، بمناسبة زيارة محافظ دمشق تزامناً مع العيد.
هذا المستشفى، شهد معجزة نظافة مفاجئة.. فجأة، ظهرت البوالين تتراقص في الممرات، وتقديم الضيافة، وكأننا في مؤتمر طبي عالمي، والجدران زينت بما تيسر من “بهارات الإعلام الرسمي”.. ولحسن حظ سكان السقف من الجرذان والبرغش، تم إجلاؤهم قسراً لبضع ساعات، على أن يعودوا بعد انتهاء العرض المسرحي.
أما المرضى، فقد تحول البعض منهم إلى “كومبارس” في مشهد الاستقبال، إذ تدرّبوا على هز الرأس والابتسام أمام عدسات الكاميرات.
“الزيارة كانت مُعلنة من أسبوع”، أكد طبيب حضر العرض، “وكل شيء كان مدروساً بعناية”، والدليل؟ المستشفى نفسه، قبل الزيارة بيوم، كان يعج بالقمامة، برائحة لا تصفها الكلمات، وناس يجلسون على الأرض ينتظرون إسعافاً مفقوداً، وأجهزة قد لا تعمل.
والأهم، أن هذه الزيارة لم تكن لسماع شكاوى المرضى، بل لعرض العضلات الإدارية أمام الكاميرات، عسى تُبَث في نشرة أخبار “سوريا بخير”، ولا يُذكر فيها أن الطاقم الطبي يكاد ينهار، وأن رواتب الأطباء لا تشتري كيلو لحمة، وأن الإسعاف نفسه قد يحتاج لمن يسعفه.
جربوا زورونا مرة من دون تصوير، من دون مرافقين، من دون أن يعرفوا من تكون، وستشاهدون “المجتهد” الحقيقي، الذي يعرفه كل فقير ومسكين، والذي يحاول النجاة بين أدوات طبية مستعملة، وعبوات اشترتها الأسر من جيوبها، وعامل نظافة واحد يغطي طابقين.
في الختام، يا ليت المجتهد يتجمل دائماً، لا عندما تلوح عدسة أو تهب نسمة مسؤول، فالمواطن لا يريد بالوناً ولا بسكويتاً، بل يريد فقط أن يخرج من المستشفى حياً.. بكرامة.