أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي:
دخلت الجامعات السورية مرحلة جديدة من الحضور الأكاديمي الدولي، بعد سنوات من التهميش والتجريف الذي طال التعليم العالي خلال حكم النظام البائد، حيث استُهدفت الجامعات كمؤسسات فكرية، وحوّلت إلى بؤر أمنية لقمع الطلاب والمعارضين، وشهدت طرد العشرات من الأساتذة والدكاترة، واعتقال المئات من الطلاب بسبب مواقفهم المؤيدة للثورة السورية.
وفي خطوة رمزية تعكس هذا التحول، أعلنت جامعة حلب عن دخولها ولأول مرة في تاريخها ضمن تصنيف Times للتأثير العالمي لعام 2025، الذي يقيس مساهمة الجامعات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، لتأتي في المرتبة 1501 عالمياً من أصل 2318 جامعة مشاركة.
وأكد رئيس جامعة حلب الدكتور أسامة رعدون، أن الجامعة سجلت حضوراً متميزاً في عدة مجالات رئيسية، أبرزها “الصناعة والابتكار والبنية التحتية” (المرتبة 800)، و”المساواة بين الجنسين” ضمن أفضل 1001 جامعة، و”الشراكات من أجل تحقيق الأهداف” بين أفضل 1500 جامعة.
ولفت رعدون إلى أن هذا الإنجاز جاء نتيجة جهود متواصلة منذ سقوط النظام السابق، عبر تعزيز التعاون بين الطلبة والهيئات التدريسية وتوسيع الاتفاقيات الأكاديمية، والتي يتوقع أن تصل إلى 80 اتفاقية مع جامعات من أكثر من 40 دولة.
ويُعد تصنيف Times للتأثير أحد أهم التصنيفات العالمية التي تقيس مدى تأثير الجامعات في بيئتها المحلية والدولية، من خلال معايير تشمل جودة التعليم، الابتكار، العدالة الاجتماعية، وتمكين المرأة، والشراكات العالمية، ويشير إدراج جامعة حلب في هذا التصنيف إلى بدء تعافي القطاع الأكاديمي السوري وانخراطه مجدداً في المشهد الدولي.
وفي السياق ذاته، حققت جامعة دمشق إنجازاً أكاديمياً بارزاً بدخولها تصنيف QS العالمي لعام 2026، لتكون الجامعة السورية الوحيدة التي تنال هذا الاعتراف الدولي في نسخته السنوية، بحسبما أكده الدكتور مروان الراعي، مدير مكتب التصنيف في الجامعة.
وأوضح الراعي أن الجامعة حلت ضمن أفضل 1250 جامعة حول العالم، بعد اجتياز معايير متعددة تشمل السمعة الأكاديمية، جودة البحث العلمي، العلاقات الدولية، ورضا أرباب العمل عن الخريجين.
وسجلت الجامعة تقدماً ملحوظاً في “التشاركية الدولية” و”أثر الخريجين”، كما حصلت على تقييم جيد في معيار “التنوع والانحياز” نتيجة استقبالها لطلبة من جنسيات عربية وأجنبية.
وأشار الراعي إلى أن وجود جامعة دمشق في هذا التصنيف يعزز من فرص اعتماد شهاداتها عالمياً، ويفتح آفاق التعاون العلمي والتبادل الأكاديمي مع مؤسسات دولية مرموقة، موضحاً أن الجامعة باتت اليوم مدرجة في 19 تصنيفاً دولياً مقارنة بأربعة فقط حتى نهاية عام 2023، ما يعكس تطوراً حقيقياً في موقعها الأكاديمي.
ويُعد هذا الحراك الأكاديمي دليلاً على دخول الجامعات السورية في مرحلة جديدة من الاستقلالية والنهضة، بعد أعوام من التسييس والتهميش خلال الحقبة السابقة.
ومع التوجه الحكومي الجديد نحو دعم التعليم، وإعادة تأهيل الجامعات والمؤسسات البحثية، يتطلع السوريون إلى رؤية جامعاتهم في مصاف المؤسسات العلمية الرائدة إقليمياً وعالمياً.