الثورة – إيمان زرزور :
لا تزال ناحية سنجار في ريف إدلب الشرقي ترزح تحت وطأة الإهمال وغياب الخدمات الأساسية، بعد مضي أكثر من نصف عام على تحرير المنطقة، ما جعلها واحدة من أكثر المناطق تهميشًا في الشمال ، رغم موقعها الجغرافي الواسع وكثافتها السكانية الكبيرة، وفق ما يقول سكانها.
تقع سنجار على مساحة تتجاوز 600 كيلومتر مربع، وتضم نحو 75 قرية موزعة بين ستة مجالس محلية، ويعيش فيها أكثر من 75 ألف نسمة، يعتمد معظمهم على الزراعة وتربية المواشي كمصدر أساسي للدخل، إلا أن غياب البنية التحتية والخدمات يعمّق معاناة السكان اليومية.
يقول “جابر عويد” من نشطاء المنطقة، إن سنجار تخلو من أي مركز طبي فعّال أو مستشفى، ما يضطر الأهالي إلى قطع مسافات طويلة لنقل المرضى إلى مناطق بعيدة للعلاج، في ظل ظروف صعبة تهدد حياة المرضى، خاصة في الحالات الطارئة التي تتطلب تدخلاً سريعًا.
يقتصر توفر الخبز على فرن وحيد يعاني من ضعف الإنتاج ورداءة الجودة، ولا يغطي الحد الأدنى من احتياجات السكان، ما يتسبب في ازدحام يومي وارتفاع في كلفة تأمين الخبز. وتلجأ العديد من الأسر إلى استخدام البدائل المنزلية أو الخبز الجاف كحل مؤقت، ما يزيد من الأعباء المعيشية على الفئات الأكثر فقرًا.
رغم انتهاء العمليات العسكرية، لا تزال آثار الدمار تخيّم على معظم القرى التابعة لناحية سنجار، حيث دمرت البنية التحتية بفعل القصف وأعمال التخريب التي سبقت انسحاب ميليشيات النظام، دون أن تشهد المنطقة حتى الآن أي مشاريع جدية لإعادة البناء أو الترميم.
ويشهد القطاع التعليمي في سنجار تدهورا كبيرًا، مع إغلاق العديد من المدارس بسبب تدميرها أو نقص الكوادر التعليمية والمناهج، ما أسفر عن ارتفاع معدلات التسرب المدرسي، لا سيما بين طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية.
وتعتمد أغلب قرى سنجار على صهاريج متنقلة أو آبار ارتوازية تفتقر للرقابة الصحية، في ظل غياب شبكات المياه الحديثة، ما يعرّض الأهالي لأخطار تلوث المياه، ويضيف أعباء مالية ثقيلة على كاهل السكان، الذين يجد كثير منهم صعوبة في تأمين مياه الشرب بشكل منتظم.
يطالب سكان سنجار وفعالياتها المدنية الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية بإنشاء مركز طبي أو نقطة إسعافية دائمة لتلبية الاحتياجات الصحية، وتحسين قطاع الخبز من خلال توسعة الفرن الحالي أو بناء أفران جديدة ذات طاقة كافية، وإعادة تأهيل المدارس وتوفير الكوادر التعليمية اللازمة، وإنشاء شبكات مياه حديثة أو محطات تحلية وتنقية مضمونة، تنفيذ مشاريع لإصلاح البنية التحتية المتضررة في القرى والمرافق العامة.
لم يكن التحرير نهاية المعاناة في سنجار، بل بداية جديدة لمعركة طويلة مع التحديات التي تواجه سكان المنطقة للعودة إلى بلدتهم ومنازلهم، في ظل نقص الخدمات، ومع مرور الأشهر، لا يزال السكان يعيشون على أمل أن تجد نداءاتهم طريقها إلى الجهات المعنية، ليُعاد وصل هذه المنطقة المنسية بشريان الدولة والاهتمام.