الثورة:
أعلن النائب العام للجمهورية العربية السورية، القاضي المستشار حسان التربة، عن تحريك دعوى الحق العام بحق عدد من الأشخاص المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الشعب السوري، وذلك في إطار تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم، وحماية حقوق الضحايا وذويهم.
وأوضح التربة، في بيان نشرته وزارة العدل عبر قناتها الرسمية على تلغرام، أن النيابة العامة بدأت باتخاذ الإجراءات اللازمة بناءً على ملفات أُحيلت من وزارة الداخلية، شملت وثائق وضبوط تتعلق بعدد من المتهمين، وبعد دراسة مستفيضة لها تم تحريك الدعوى العامة بحق عدد من مجرمي الحرب.
وعلى رأس قائمة المجرمين كل من “عاطف نجيب بن نجيب وفاطمة، من مواليد جبلة 1960، وأحمد بدر الدين حسون بن محمد أديب وحميدة، من مواليد حلب 1949، ومحمد الشعار بن إبراهيم ومريم، من مواليد الحفة 1950، وإبراهيم الحويجة بن علي وبدرة، من مواليد جبلة 1940″، وأكد النائب العام إحالة هؤلاء إلى قاضي التحقيق المختص لمباشرة التحقيق معهم، واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة وفقاً للأصول القانونية.
عاطف نجيب بن نجيب وفاطمة – مواليد جبلة 1960
شغل منصب رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا بين عامي 2008 و2011، ويُعد أحد أبرز الشخصيات الأمنية المقربة من بشار الأسد، حيث تربطه به صلة قرابة من جهة الأم (ابن خالته).
يتهم نجيب باعتقال وتعذيب أطفال درعا، وقلع أظافرهم بسبب كتاباتهم المناهضة للنظام، ما أشعل احتجاجات واسعة في عموم البلاد، وأدرج اسمه على قوائم العقوبات الأميركية والأوروبية منذ العام نفسه، وألقي القبض عليه في اللاذقية مطلع عام 2025.
أحمد بدر الدين حسون بن محمد أديب وحميدة – مواليد حلب 1949
شغل منصب مفتي الجمهورية من 2005 حتى إلغاء المنصب عام 2021، وكان من أبرز الشخصيات الدينية الداعمة لنظام الأسد البائد، ولقّب بـ”مفتي البراميل” بسبب تبنيه خطاباً دينياً يبرر عمليات القمع والقتل.
عُرف حسون بتصريحاته التحريضية ضد أبناء الحراك الثوري، ودعمه العلني لسياسات النظام الأمنية، واعتقل في آذار/مارس 2025 أثناء محاولته مغادرة البلاد عبر مطار دمشق، ووجهت إليه تهم تتعلق بتأييد الجرائم المرتكبة بحق المدنيين خلال سنوات الحرب.
محمد الشعار بن إبراهيم ومريم – مواليد الحفة 1950
محمد الشعار يمتلك سجلاً أسود من الجرائم ضد الإنسانية، وكانت وزارة الداخلية في عهد الشعار مسؤولة عن قرابة ربع مليون انتهاك توجب المحاسبة الحتمية، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي أكدت أن الشعار من رموز الصف الأول في نظام الأسد المخلوع ومسؤول عن جرائم ضد الإنسانية بحق السوريين.
توثق قاعدة بيانات الشَّبكة، بصفته وزيراً للداخلية، كان مشرفاً مباشراً على سياسات القمع الممنهج، والتي تضمنت القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، وقتل المعتقلين أثناء حالات الاستعصاء في السجون المدنية، إضافة إلى التواطؤ في الإعدامات غير القانونية، كما شاركت وزارة الداخلية، خلال قيادته لها، في العديد من عمليات التهجير القسري التي استهدفت مناطق حاصرتها قوات نظام الأسد لسنوات.
وأدَّت وزارة الداخلية، تحت قيادته، دوراً أساسياً في تنفيذ قرارات المحاكم الاستثنائية مثل محكمة الميدان العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب، مما أسفر عن مصادرة ممتلكات المعارضين، وإصدار قرارات منع السفر، والتلاعب بسجلات المختفين قسرياً في دوائر السجل المدني.
إبراهيم الحويجة بن علي وبدرة – مواليد جبلة 1940
ينحدر اللواء إبراهيم الحويجة من بلدة عين شقاق في ريف جبلة بمحافظة اللاذقية، ويُعد ثاني من شغل منصب مدير إدارة المخابرات الجوية بعد اللواء محمد الخولي، حيث تولى المنصب بين عامي 1995 و2002.
بدأ مسيرته العسكرية في سبعينيات القرن الماضي، وتورط في عدد من الأحداث البارزة، منها اتهامات بدوره في اغتيال كمال جنبلاط عام 1977، حين كان يشغل منصباً أمنياً في مكتب المخابرات السورية ببيروت، إضافة إلى ارتباط اسمه بعمليات قمع انتفاضة حماة عام 1982، وعلاقته الوثيقة برفعت الأسد، أقيل من منصبه عام 2002 بأمر من قبل بشار الأسد، وابتعد عن المشهد العام، حتى تم اعتقاله.
وكان دعا التربة جميع المتضررين وذويهم، وكذلك الشهود أو من يملكون معلومات تتعلق بهذه الانتهاكات، إلى تقديم ما لديهم من أدلة أو شهادات لتُضم إلى ملفات التحقيق، كما ناشد المنظمات الحقوقية والإنسانية المساهمة بتقديم الوثائق التي يمكن أن تسهم في كشف الحقيقة ودعم مسار العدالة.
وشدد في ختام بيانه على التزام النيابة العامة الكامل بإنفاذ القانون وتحقيق العدالة، وملاحقة كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم، مؤكداً أن هذا المسار يهدف إلى ضمان حقوق الضحايا، وترسيخ مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.
وكانت وزارة العدل قد أعلنت في وقت سابق، عن بدء تسلم ملفات عدد من الموقوفين في قضايا تتعلق بانتهاكات بحق السوريين، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تعكس التزام الحكومة السورية بمبادئ العدالة الانتقالية، وتعزيز ثقة المواطنين بالمؤسسة القضائية، وصون حقوق الإنسان.
يأتي تحريك الدعوى العامة بحق هذه الشخصيات في إطار توجه الحكومة السورية الجديدة نحو تطبيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحق الشعب السوري خلال حكم نظام الأسد البائد، وذلك استجابةً لمطالب الضحايا وأسرهم، وفي مسعى لاستعادة الثقة بمؤسسات العدالة وبناء دولة القانون.