الثورة:
أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تقريرها الإنساني الثاني عشر، مسلطة الضوء على تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا خلال النصف الأول من عام 2025، وسط ارتفاع حاد في الاحتياجات وضعف خطير في حجم التمويل المخصص للاستجابة الإنسانية.
وثقت المنظمة عودة أكثر من 1.5 مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية، ما يعكس الحاجة العاجلة لإعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية.
كما شهدت الأشهر الستة الأولى من العام 493 حادثة مرتبطة بالذخائر المتفجرة، أودت بحياة 390 شخصاً وإصابة 536 آخرين، بينهم 313 طفلاً بين قتيل وجريح.
وأشارت اليونيسف إلى أن النداء الإنساني لعام 2025، البالغ 488 مليون دولار، لم يُلبَّ منه سوى 25% فقط، ما يعوق استمرار الأنشطة الحيوية في مجالات الصحة والتعليم والمياه والتغذية.
ودعت المنظمة المانحين إلى تقديم دعم فوري ومتزايد لضمان الاستجابة للاحتياجات الملحّة.
يعاني أكثر من نصف السكان في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، في وقت تشير التقديرات إلى أن 600 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بينهم 177 ألفًا يعانون من الهزال الشديد.
ولفت التقرير إلى أن الجفاف الأسوأ منذ 36 عاماً أدى إلى انخفاض في معدلات الأمطار بنسبة 54%، ما تسبب في عجز إنتاجي بمقدار 2.73 مليون طن من القمح.
أوضحت المنظمة أن 8.5 ملايين شخص تضرروا من نقص المياه، منهم 1.8 مليون بشكل حاد، ما يزيد من مخاطر تفشي الأمراض وسوء التغذية.
وقدمت اليونيسف أكثر من 1.2 مليون استشارة طبية مجانية، منها 937 ألفًا للأطفال، ودرّبت 747 عاملاً صحياً، إضافة إلى تحصين مئات الآلاف بلقاحات أساسية.
استفاد أكثر من 536 ألف طالب من دعم تعليمي مباشر شمل إعادة تأهيل 165 مدرسة، وتوزيع حقائب مدرسية ومستلزمات، وتدريب آلاف المعلمين.
ومع ذلك، لا تزال عشرات المدارس في الحسكة والرقة تُستخدم كمراكز إيواء، ما يعوق استمرار العملية التعليمية للأطفال.
سلّط التقرير الضوء على أوضاع مخيم الهول، الذي يضم قرابة 29 ألف شخص، بينهم 18 ألف طفل، ويواجه تحديات حادة في الحماية والقيود الأمنية، وخصوصاً فيما يتعلق بوصول المساعدات والخدمات الأساسية.
سجلت اليونيسف أضراراً واسعة في البنية التحتية للمياه جراء تصاعد التوترات العسكرية شمالي سوريا، إلى جانب إغلاق المجال الجوي مؤقتاً بسبب التوتر بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.
كما وثق التقرير مقتل 25 شخصاً في هجوم على كنيسة القديس إلياس بدمشق، وتعرض منازل ومنشآت مدنية للتدمير في درعا والقنيطرة.
وأكد التقرير أن الاقتصاد السوري لا يزال في حالة انكماش بنسبة 1.5%، مع توقع نمو محدود بنسبة 1% لعام 2025. ويعيش ربع السكان تحت خط الفقر المدقع، فيما يقع ثلثاهم تحت خط فقر الدخل المتوسط، في ظل استمرار التضخم وتقلبات سعر الصرف.
منذ كانون الأول الماضي، عاد أكثر من 719 ألف لاجئ من دول الجوار، 57% منهم من الأطفال، تركزت عودتهم في حلب وحماة وحمص وإدلب.
ومع ذلك، يعاني العائدون من منازل مدمرة، ونقص حاد في الخدمات، وصعوبات قانونية مثل إثبات الملكية.
وقدمت اليونيسف خدمات المياه والإصحاح لنحو 14 مليون شخص، عبر تحديث البنية التحتية، وتعقيم المياه، وتوسيع استخدام الطاقة الشمسية في محطات الضخ، وتوزيع مواد النظافة وتعزيز خدمات الصرف الصحي في مناطق النزوح.
واختتمت اليونيسف تقريرها بدعوة المجتمع الدولي إلى مضاعفة دعمه لسوريا، مؤكدة أن الجمع بين الاستجابة الطارئة والتعافي طويل الأمد هو السبيل الوحيد لإعادة بناء حياة السوريين بأمان وكرامة، وخاصة في ظل أزمات متراكبة باتت تهدد حاضرهم ومستقبلهم.