“مقاهي دمشق بين الأمس والحاضر”.. رحلة مع الآخر

الثورة – رانيا حكمت صقر:

ألقى الباحث السوري مازن ستوت، المتخصص في توثيق التراث الدمشقي، محاضرة مميزة في المركز الثقافي بالمزة تحت عنوان “مقاهي دمشق بين الأمس والحاضر”.. وتأتي ضمن سلسلة محاضراته التي امتدت على مدى ثماني سنوات، والتي تناول فيها جوانب مختلفة من تاريخ وتراث مدينة دمشق.

في بداية حديثه، وصف ستوت المقاهي بأنها “رحلة مع الآخر”، إذ لا تمثل مجرد أماكن للجلوس فحسب، بل فضاءات تنبض بالحياة، تمارس سلطتها وسحرها على الزائر بأسلوب موضوعي ومستقل.وأشار إلى أن حضور المقهى ومعناه لا يكتمل إلا من خلال العلاقة الشخصية بين الزائر والمقهى، الذي يعكس حاجة وجدانية تتصل بالذكريات والمشاعر، وعلاقات متناغمة مع رواده، النادل، حركة الكراسي، الشوارع، والجدران الموشاة. ومضى الباحث ستوت للحديث عن الدور التاريخي للمقاهي في نهضة دمشق الاجتماعية والثقافية، مشيراً إلى وجود ما يقارب 100 مقهى في بداية القرن العشرين ممتدة عبر أحياء المدينة وأطرافها، كانت هذه المقاهي بمثابة فضاءات متخصصة، بعضها للمثقفين، وآخر لأصحاب المهن، وكذلك للتجار والسياسيين، ما جعلها ملتقى لكل التيارات الفكرية والاجتماعية بتموجاتها واختلافاتها. وأشار إلى أن المقاهي لم تكن مجرد أماكن للترفيه أو للقاء الأصدقاء، بل كانت مساحات لتداول الثقافة والأفكار بين الشعراء والمبدعين السوريين، وأيضاً مع زوار من خارج سوريا، مما أسهم في تعزيز الحياة الثقافية والسياسية للمدينة.

ومن أشهر هذه المقاهي: مقهى الهافانا الذي احتضن جدالات زكي الأرسوزي ومظفر النواب.- مقهى البرازيل: “برلمان الشارع” الذي شهد اجتماع شكري القوتلي ورشدي الكيخيا- مقهى الروضة: الذي وصفه الروائي خليل صويلح بأنه “جريدة يومية حية” تختزل نبض المجتمع السوري، حيث يجلس الوزير بجوار الأمّي. لم تكن هذه المقاهي مجرد مقراتٍ عابرة، بل مصانعَ للقرار، كل طاولةٍ كانت منصةً لثورة فكرية، ولم يغفل ظاهرة “الحكواتي” و”خيال الظل” كأدوات ترفيهٍ وتوعية.

وفي تفاصيل لافتة، سلّط الضوء على مقاهيَ اختزنت قصصاً فريدة:
– مقهى “خبّيني” المجاور للجامع الأموي.
– مقهى “الكشيشة” في المزة، حيث كان مربّو الحمّام يتبادلون قصص “البربيسي” و”المسوّد” “أصناف الحمام” ويتفاوضون على “فكاك” الطيور المسروقة.
– مقهى “التائهين” و”خود عليك” كعلامات على روح الدعابة الدمشقية.

أما في العصر الحديث، فقد أشار الباحث إلى تأثير التكنولوجيا الحديثة واستبدال أساليب الترفيه التقليدية بمقاهي غالية الثمن، لا تتيح لمحبي التراث الوصول إليها بسهولة، مما يغير من طابع هذه الفضاءات الاجتماعية والثقافية، إذ دخلت النرجيلة مكان الحكواتي، واستبدلت الشاشات اللمّاعة طاولاتِ الرخام، حتى الأسماء غُيّرت: صرنا نسمّيها “كوفي شوب” لا “قهوة'”، إضافة للعامل الاقتصادي جلسة المقهى اليومية أصبحت ترفاً لا يقدر عليه معظم السوريين.

في الختام، جسدت هذه المحاضرة أهمية المقاهي كعنصر أساسي في نسيج الحياة الدمشقية، كرافد للاستمرارية الثقافية والحضارية.

آخر الأخبار
من الركام إلى الحياة..التعافي النفسي والاجتماعي في سوريا ما بعد الحرب إعادة تفعيل الخدمات بين المصرف العقاري و السورية للبريد تفاهمات دبلوماسية على بوابة الجامعة العربية.. من يخلف أبو الغيط؟ تطوير العمل الإداري بدمشق وتعزيز منظومة الرقابة هيروشيما.. ثمانون عاماً على الجريمة.. هل اعتبر العالم من المآسي؟ "تجارة دمشق" تبحث مع وفد الـ" "WFP تسهيل تنفيذ البرامج الإنسانية والإغاثية تعزيز كفاءة الشبكة الكهربائية في القنيطرة وضمان استقرار التغذية "عطاء الخير" توفر الحليب للأطفال المهجرين بدرعا المنتجون بانتظار الوعود.. صناعة الأحذية في حلب تواجه الإغراق د. نهاد حيدر لـ"الثورة": اعتماد الدفع الإلكتروني للتخفيف من التداول الورقي تركيا: التعافي الاقتصادي السريع مهم للاستقرار السياسي في سوريا نحو كفاءات إدارية تعزز جودة التعليم في دمشق حرستا تستعيد مدارسها.. "إسماعيل الريس" تتهيأ للعودة إلى الحياة "أرواد" لؤلؤة الساحل ودرّة السياحة بلا خدمات أو استثمار سوريا تنهض بمسؤولية تاريخية في تحقيق استقرار المنطقة بمشاركة أكثر من 37 شركةً.. فعاليات "موتوريكس إكسبو 2025" تنطلق حول سوق السيارات.. توقعات للمشاركين في "موتوريكس إكسبو 2025" قنابل الحرب النائمة تواصل قتل المدنيين في ريف إدلب استغلال صريح لعمل الشباب في ظل الأزمات الاقتصادية "القاتل الصامت" يفتك بصحتنا بهدوء.. بقايا المبيدات الزراعية ومخاطرها على حياتنا