تفتيت سوريا مشروع إسرائيلي.. وإرادة السوريين كفيلة بإجهاضه

الثورة- منذر عيد

لا يوجد في السياسية شيء اسمه الصدفة، خاصة في القضايا الاستراتيجية، وتحديداً في السياسات الغربية والإسرائيلية تجاه سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، وما تشهده سوريا من أحداث خاصة في محافظة السويداء بعد سقوط النظام السابق، بتدخل ودعم إسرائيلي، يهدف إلى سلخ المحافظة عن محيطها الوطني، وصولاً إلى تفكيك سوريا كدولة موحدة ذات سيادة، كلّ ذلك يعيدنا إلى ملفات الصهاينة القديمة والوثائق التي تحولت لاحقاً إلى برامج عمل لزعماء إسرائيل، وإستراتيجية للكيان، تتمثل في إبقاء سوريا دولة ضعيفة، منقسمة، مرهقة طائفياً ومجتمعياً.

لقد اعتمدت إسرائيل في سياساتها الاستراتيجية على تجزئة العالم العربي إلى جيوب طائفية وإثنية، واستبدال الدول العربية القوية المركزية بدويلات ضعيفة ومقسمة إلى أجزاء لا تشكّل أي تهديد لها ويمكن أن تصبح حليفة أو وكيلة تحت حمايتها، ففي أعقاب إعلان قيام الكيان الإسرائيلي عام 1948، قام دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، بتبني عقيدة أمنية مزدوجة؛ “عقيدة المحيط”، تتمثل في بناء تفوق عسكري ساحق بدعم من القوى الغربية، وتشكيل شبكة تحالفات مع دول غيرعربية في محيط المنطقة لكسر العزلة واحتواء الخطر العربي.

ومع مرورالوقت، وتغيرالظروف والموازين الإقليمية، قام حكام إسرائيل بتعديل “عقيدة المحيط”، وهو ما كشفه ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق دافيد بن عوزيل في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت، كشف عن الملامح الجديدة لما يمكن وصفه بـ”عقيدة المحيط المحدّثة”، والتي باتت ترتكز بحسب بن عوزيل على ركيزتين أساسيتين، الأولى تقوم على إشعال الصراعات بين الدول العربية وجيرانها غيرالعرب، بهدف إضعاف هذه الدول واستنزاف طاقاتها في معارك إقليمية جانبية لا تصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية أو وحدة الصف العربي، بل تصبّ في مصلحة إسرائيل من حيث إزاحة الضغط عنها وتفكيك خصومها، والثانية تتجسّد في استغلال الأقليات الإثنية والدينية في المنطقة، خصوصاً تلك المحيطة بإسرائيل أو القريبة منها، عبرعزلها عن محيطها الطبيعي وربط أمنها ومصالحها بإسرائيل، لتصبح هذه الأقليات حليفاً موضوعياً لتل أبيب، مدفوعة بالخوف من محيطها أو الشعور بالاضطهاد.

وعليه فإننا نشاهد تنفيذ أهداف ومرتكزات “عقيدة المحيط المحدّثة”، في الجنوب السوري، وسعي إسرائيل لتنفيذ مشروع ما يسمى “ممر داوود” الذي يسعى الصهاينة من خلاله إلى إنشاء ممر بري استراتيجي يمتد من مرتفعات الجولان المحتلة، مروراً بمحافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، ثم شرقاً عبر البادية إلى معبر التنف على الحدود السورية-العراقية-الأردنية، وصولاً إلى معبر البوكمال على نهر الفرات، بما يحقق أحلامهم في الوصول إلى الفرات.

تنص إحدى المبادئ الشهيرة في النظرية الجيو-سياسية، التي طرحها الأكاديمي والسياسي البريطاني هالفورد ماكيندر، على ما يلي : “من يحكم أوروبا الشرقية يسيطر على قلب العالم؛ ومن يحكم قلب العالم يسيطر على جزيرة العالم؛ ومن يحكم جزيرة العالم يسيطر على العالم”، وفي هذا السياق، تعتقد القوى الإقليمية والعالمية أن من يسيطر على سوريا، أو على جزء كبير منها، سيؤثرعلى الشرق الأوسط بأكمله، لجهة أن سوريا تشكّل مركزاً محورياً في العالم العربي، إذ تسيطرعلى طرق نقل حيوية وممرات تجارية وتحالفات إقليمية – تماماً كما تشكله أوروبا الشرقية في نظرية ماكيندر.

كثيرة هي النظريات الصهيونية التي تدعو إلى تفتيت المنطقة، والهيمنة عليها، فلم يكن بن غوريون من خلال ” عقيدة المحيط” ولا المحدثة منها، الوحيد الداعي إلى ذلك، ففي عام 1992كتب برنارد لويس، أحد أبرز المفكرين الصهاينة ومستشاري المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين “: معظم دول الشرق الأوسط عُرضة لمثل هذه العملية (عملية اللبننة)، فإذا ضعفت السلطة المركزية بما يكفي، تتفكك الدولة إلى فوضى من الطوائف والقبائل والمناطق والأحزاب المتصارعة والمتناحرة.

يقول الإسرائيلي ما يقول، ويسعى إلى ما يسعى إليه، فالأمرلا يتوقف عند قوله ومساعيه، بل عند وعي الشعب السوري، وضرورة إدراكه أن خروج أي ذرة تراب من تحت مظلة الدولة فإنما هو بداية إلى كارثة كبرى، تصيب الجميع في مقتل، وأنه من الواجب بل من الإلزام، التماسك والتكاتف لمواجهة المشروع الصهيوني في بلدنا.

آخر الأخبار
"سيريا بيلد" الدولي للبناء في 26 الجاري حريق حبنمرة بحمص يحوّل ١٠٠ هكتار إلى يبابٍ أسودَ 7 مليارات  ليرة.. ديون على فلاحي دير الزور.. معاناة في ظل عجز السداد بيانٌ أمميٌ في مجلس حقوق الإنسان يرحّب بجهود سوريا ويشدّد على العدالة الانتقالية السعودية وقطر توقعان اتفاق دعم جديد لسوريا بقيمة 89 مليون دولار سوريا على منبر العالم.. خطاب الرئيس الشرع يعيد دمشق إلى قلب المشهد الدولي "حفاظ النصر " تكرم 2200 حافظ وحافظة للقرآن الكريم في درعا الشرع أمام الدورة الـ 80 للجمعية العامة: سوريا تعيد بناء نفسها وتبني فصلاً جديداً عنوانه السلام والا... الرئيس الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: انتصار الحق وولادة الدولة السورية الجديدة  كلمة الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. صياغة ملامح «العقد السوري الجديد»  مدير مؤسسة الوحدة للصحافة: الرئيس الشرع خطف الإعجاب قبل الخطاب بعد نحو ستين عاماً.. سوريا تعيد بناء دورها في الأمم المتحدة في خمس دقائق لخص الرئيس الشرع حكاية سوريا سوريا ترسم طريق النهوض والبناء مواطنون: الرئيس الشرع أوجز بتقنية الخطاب فن الرسائل بأبعادها من إدلب إلى نيويورك.. الرئيس  الشرع وصياغة نسخة جديدة من الإسلام السياسي الوطني إزالة السواتر تعيد حياة إدلب الاقتصادية والزراعية التحول نحو السوق الابيض.. تعزيز الشفافية والنزاهة بالاقتصاد "ميلوني" تلتقي الشرع وتعلن انخراطها في إعادة إعمار سوريا تفاهم استشاري بين "الأشغال العامة" وشركة دولية