الثورة – مريم إبراهيم:
بالرغم من صغر حجمه وبساطته، إلا أنه عكس مشهداً أعلى من شأنه ومن كبر حجمه لناحية العطاء والإنجاز والإبداع لفئة مجتمعية أخذت تباعاً تطلق أحلامها وطموحاتها نحو المستقبل والتوق للانخراط والاندماج في المجتمع كما بقية الأفراد الآخرين وكفاعلين ومنتجين أيضاً، حيث الإعاقة باختلاف مسمياتها لا تقف حاجزاً أمام الطموح والإرادة القوية والصلبة، بل هي الدافع نحو الظهور وتعويض الإعاقة بالإبداع والمهارات والظهور.
فالمعرض الخاص بالأعمال الفنية ومنتجات مراكز التنمية الريفية لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي يقام في مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل جسد بما احتواه من منتجات ومعروضات متنوعة مدى إبداعات وقدرة المشاركين فيه من ذوي الإعاقة ومهاراتهم التي يمتلكونها، وشغفهم لإطلاق هذه الإبداعات التي تؤكد أنهم على قدر المسؤولية والإنجاز في مختلف المجالات حسب أنواع إعاقاتهم سواء كانت جسدية أم حركية أم غير ذلك من إعاقات.
ففي المعرض تنوعت المعروضات من أعمال يدوية متنوعة الأصناف والأشكال، وحياكة ملابس ولوحات فنية مبدعة بأيدي ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة لسجاد نسج بأنامل مبدعة من مختلف مراكز التنمية الريفية في المحافظات، إذ يشكل هذا المعرض منصة مهمة لعرض إبداعات ذوي الإعاقة انطلاقاً من الإيمان بدورهم الفاعل في العمل والإنتاج، وفي عملية التنمية والبناء، وأهمية اندماجهم في المجتمع بشكل عام.
تنوع مجالات
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكجهة معنية بشكل مباشر بذوي الإعاقة تبدو هذه الفترة في حالة مستمرة نحو تطوير الواقع، وبخطوات متلاحقة تعزز الاهتمام بهذه الشريحة المهمة في المجتمع، إذ كانت أقامت مؤخراً ملتقى توظيفاً لهم، والذي مثل خطوة أولى نحو تعزيز فرص العمل وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، والسعي لتوفير بيئة ملائمة تتيح لهم المشاركة الفعالة في سوق العمل، وبحضور شركات القطاع الخاص وبقوة لتستقبل استمارات وبيانات الباحثين عن عمل في مجالات كثيرة مصرفية وغذائية وتسويقية وخدمة مجتمعية وصناعة وغيرها الكثير لتدرس هذه الاستمارات وتختار من المتقدمين بما يحقق المواءمة بين درجة الإعاقة والعمل المطلوب الذي يتوق إليه صاحب الإعاقة.
بيئة تشريعية مناسبة
الدكتور حسام الشحاذة- خبير إعاقة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل- بين لصحيفة الثورة أهمية وجود البيئة التشريعية المناسبة لذوي الإعاقة وتأمين حقوقهم في التربية والتعليم والتأهيل المهني وذلك كله متصل بالعمل، ويتم الاهتمام بتأمين بيئة لوجستية جيدة لتشغيلهم، ويوجد معاهد التأهيل المهني، إذ إن البيئة التشريعية الحالية ليست كافية، والوضع الحالي دون مستوى الطموحات، لكن من خلال العرض للواقع نطمح للمستقبل، فالبيئة الحالية ليست كافية في القطاع الحكومي، ونسبة التشغيل لذوي الإعاقة في الحكومي وفق قانون العاملين الأساسي في الدولة وصلت حتى 4 بالمئة، وفي القطاع الخاص وصلت وفق القانون 17 لعام 2010 حتى 2 بالمئة، ونطمح لأكثر من ذلك، وبالمقابل هناك بعض الامتيازات البسيطة جداً بما يتعلق بأصحاب وأرباب العمل وأصحاب الفعاليات الاقتصادية والخدمية والزراعية والصناعية والتجارية، وما شابه ذلك، فحتى الآن ليس لديهم هذا التشجيع الذي يمكن أن ينطلقوا على أساسه لاستقطاب ذوي الإعاقة لتشغيلهم، وهناك اقتراح بوجود حسومات ضريبية في هذا الشأن، وسيكون هناك خطط طموحة وجديدة من شأنها تأهيل هذه الشريحة، ودمجها وتمكينها في سوق العمل.
دور تنموي
ومن شأن مراكز التنمية الريفية -حسب الخبير الشحاذة- أن تكون جهة فاعلة ومساهمة قوية في عملية التنمية والاهتمام بالواقع التنموي لهذه الشريحة وباقي أفراد المجتمع، خاصة في الأرياف حيث الحاجة الماسة لنقلة نوعية، خاصة في الظروف الصعبة التي أرهقت الجميع على مدى سنوات الحرب، وعلى جميع الصعد، إذ تعد مراكز التنمية الريفية من أهم الأنشطة التي تقوم بها الوزارة، وتهدف إلى تحسين الظروف المعيشية لسكان المناطق الريفية، وتقديم خدمات متنوعة لهم، وتنمية المهارات الحرفية والمهنية عبر الدورات التدريبية في مجالات مختلفة مثل الخياطة، الحلاقة، صناعة الصابون والسجاد اليدوي.
إضافة إلى الدور المهم في دعم الأسر المنتجة ومساعدتها على تطوير مشاريعها الصغيرة وتوفير فرص عمل لهم، وكذلك تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي، والرعاية الصحية من خلال العيادات الطبية المتخصصة النسائية، الأطفال، الداخلية.
دور للمرأة
وبين الخبير الشحاذة أن مراكز التنمية الريفية تدعم المجتمع المحلي وتفعيل دور المرأة في المجتمع المحلي من خلال توفير فرص عمل وتدريب لها ومكافحة الأمية عبر دورات متخصصة لمحو الأمية وتعليم القراءة والكتابة، كما أن وحدات الصناعات الريفية تقدم تدريباً على صناعة الصابون اليدوي، الشمع، السجاد اليدوي، وغيرها، ودورات الخياطة والتريكو وتهدف إلى تمكين النساء من اكتساب مهارات جديدة وتوفير فرص عمل، وتشمل الخدمات الصحية عيادات للأطفال، والنساء، والطب الباطني، وبرامج الدعم النفسي والاجتماعي بهدف توفير الدعم للأفراد والمجتمع المحلي، وتوفير بيئة آمنة للأطفال وتعزيز تنميتهم من خلال رياض الأطفال.
وأوضح أنه تبرز أهمية مراكز التنمية الريفية في المساهمة في تحسين مستوى معيشة الأسر الريفية، وتوفير فرص عمل وتقليل البطالة، وتعزز من دور المرأة في المجتمع، وتنمية المناطق الريفية وتطويرها، وتحقيق التنمية المستدامة، إذ تتنوع المشاريع والأنشطة في المراكز حسب المميزات النسبية لكل منطقة، وتعتمد المراكز على منهجية التنمية الريفية المطورة للاستفادة من الإمكانيات المتاحة والبنى التحتية الموجودة.
في قلب المجتمع
وفي خطة الوزارة اهتمامات في منتجات وإبداعات ذوي الهمم ومراكز التنمية، وتشمل هذه الاهتمامات إقامة معارض دائمة للمنتجات وأعمال الأسر الريفية بما فيهم ذوو إعاقة وأفراد عاديون، والمهم في هذا الأمر هو دور المنظمات والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني التي من شأنها أن تساهم في تطوير واقع ذوي الإعاقة، وبالتشاركية مع مختلف الجهات المعنية، خاصة مع ارتفاع أعداد الإعاقة جراء الحرب، وحاجة هذه الشريحة لرعاية واهتمام أكبر في مختلف المجالات الخدمية التي تتعلق بهم، ومنحهم كامل الحقوق، وهم القادرون على تحقيق الحضور والجدوى الحقيقية وإثبات الذات، ويستحقون وبجدارة أن نمنحهم مكاناً في قلب المجتمع.