الثورة:
في خطوة غير مسبوقة، منح تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول أحداث الساحل السوري شرعية دولية نادرة للحكومة السورية الجديدة، بعد أن أشاد بانفتاحها الكامل على التحقيقات ومنحها وصولًا غير مقيد للمحققين إلى مواقع المجازر.
التقرير، الذي جاء بعد أشهر قليلة من إسقاط نظام الأسد البائد، لم يكتف بتفنيد مزاعم وجود سياسة رسمية للعنف، بل أكد أن الجرائم ارتكبها أفراد من أطراف متعددة، فيما كانت أوامر الدولة واضحة بحماية الأرواح والممتلكات.
وأبرز التقرير التلاقي اللافت بين نتائجه وتقرير “اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق”، التي شكلها الرئيس أحمد الشرع عقب الأحداث، والتي حددت 265 متهماً من مختلف الأطراف.
هذا التطابق، بحسب مراقبين، يعكس تحولاً حقيقياً نحو الشفافية وتفكيك ثقافة الإفلات من العقاب الموروثة عن النظام السابق.
كما وضع التقرير الأحداث في سياقها الأمني المعقد، مشيراً إلى أنها وقعت في بيئة انتقالية مضطربة بعد ثمانية أشهر من التحرر، وسط فراغ أمني ومظالم طائفية وانتشار مجموعات مسلحة خارج السيطرة الكاملة للدولة، ولم يغفل التحذير من حملات التضليل وخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، داعياً إلى مواجهتها بالتعاون مع شركات التقنية والمجتمع المدني.
وختمت اللجنة الأممية بدعوة المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة السورية في استكمال مسار العدالة الانتقالية وإصلاح القطاع الأمني، معتبرة أن قدرة دمشق على مواجهة هذه التحديات بشفافية تمثل معياراً جديداً لعلاقتها بالعالم، وفرصة تاريخية لترسيخ دولة القانون وبناء السلام المستدام.