التعافي البيئي للغابات المحترقة..م. محمد الدندشي: اعتماد استراتيجية تشمل الوقاية والكشف المبكر وإعادة التأهيل

الثورة – محمود ديبو:

 

رأى المهندس محمد خلدون الدندشي أن اجتماع الحرارة العالية والجفاف الشديد وتوفر الوقود (الأعشاب الجافة والأغصان والأوراق اليابسة)، كلها تعتبر من العوامل المواتية لنشوب حرائق الغابات.

وقال: هذا ما نلحظه اليوم، إذ تشتعل حرائق الغابات بشكل متكرر وبقوة أكبر نتيجة لانخفاض معدل الهطول السنوي وتغير في نمط الهطول وموسمه، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة بشكل عام، وزيادة طول وتكرار ومدى موجات الحرارة العالية، والإجهاد الحراري الكبير على الأشجار من الحرارة العالية والجفاف وانخفاض الرطوبة في الجو، كل هذا يسبب موت الأشجار بسبب الأمراض والآفات التي تنشط بارتفاع الحرارة فيزداد الوقود الغابي.

وفي محاضرة له حول التعافي البيئي للغابات المحترقة ضمن فعاليات ندوة أقيمت بالتعاون ما بين نقابة المهندسين ووزارة الكوارث وإدارة الطوارئ، أشار م. الدندشي إن العام 2024 هو الأكثر احتراراً على الإطلاق، لافتاً إلى أن حرائق الغابات (الطبيعية أو المخطط لها) التي لا تهدد الناس أو المجتمعات، إذ كانت تحصل قبل فوضى المناخ الحاصل اليوم، تساهم في تخفيف وقود الغابات المتراكم بمرور الوقت، وتعد أحد الضوابط الضرورية للحفاظ على علاقة متوازنة بين المناخ والغطاء النباتي داخل نظام بيئي معين.واعتبر أنها لاعباً حاسماً في إبعاد الآفات عن الغابات وهي مرحلة أساسية من مراحل نمو وتطور الغابات وتلعب دوراً طبيعياً مهماً في دورة حياة الغابات، لكنها تؤثر على التنوع الحيوي الحيواني، حيث تغادر معظم الحيوانات البرية والطيور المنطقة، ثم تبدأ بالعودة عند توفر الغذاء والظرف المناسب.

إجراءات التعافي

وعن الإجراءات المطلوب القيام بها للتعافي البيئي بعد حرائق الغابات قال المهندس الدندشي: بداية لا بد من تحديد المناطق المحروقة، وتحديد المنطقة المتضررة بدقة وتصنيفها حسب درجات الضرر والمساحات التي بقيت خضراء داخل المنطقة المحروقة وهذه الخطوة مهمة للتجدد الطبيعي.. مع توفير الحماية الكاملة لمواقع الحراج المحروقة وفق عدة تدابير منها وضع إشارة حريق على الصحيفة العقارية الخاصة بالعقارات المحروقة، ومنع أي تدخل في مكونات النظام البيئي لمدة سنتين على الأقل قابلة للتمديد حسب حالة الموقع، ومنع اي تدخل يؤدي إلى انجراف التربة مهما طالت المدة الزمنية للحماية.

ومن ضمن الاجراءات بحسب م. الدندشي، منع الرعي في المنطقة نهائياً ولمدة لا تقل عن 15 عاماّ، ومنع أي نشاطات بشرية في المنطقة لضمان تجدد الغطاء النباتي، كذلك عدم قطع الأشجار المحروقة نهائياً قبل مرور سنتين على الأقل حفاظاً على الحياة البرية والنباتية ومنع انجراف التربة.

ويوضح أن ترك جذوع الأشجار المحروقة يتيح المجال لنمو وتطور بعض الحشرات والفطريات ومفترساتها من الطيور والقوارض.

أما في المناطق التي يكون فيها خطر الانجراف عالياً (أي درجة الميل أكبر من 60 بالمئة)، وفق المهندس الدندشي، هنا تقطع بعض الأشجار المحروقة ويتم رصفها بشكل مساير لخطوط التسوية، بحيث تستند على أرومات الأشجار وتجمع الأغصان والفروع بيث تشكل حاجز لمنع انجراف التربة، ولا بد من المحافظة على الأشجار غير المحروقة وتأمين الحماية الكلية والصارمة لها وجمع الوحدات التكاثرية منها.

وبحسب الدندشي، في المواقع التي تعرضت لحريق عالي الشدة جداً، يتم التدخل بنثر البذور للأنواع السائدة في الموقع قبل أول موسم للأمطار، وعدم استبدال الأنواع الأساسية التي كانت سائدة في الغابة كالصنوبر والسنديان والبلوط.

ويضاف إلى كل هذا عدة إجراءات أيضاً لتحقيق التعافي البيئي بعد حرائق الغابات، ويوضح أنه لا بد من مراقبة تطور الغطاء النباتي باستخدام صور الأقمار الصناعية والزيارات الميدانية، وإذا كانت نسب التجدد الطبيعي للنوع السائد منخفضة يمكن التدخل بزراعة الغراس أو نثر البذور، كما أنه لا بد من التأكد من أن الحواجز والإجراءات الموضوعة فعالة، والعمل على تحديث الخطة إذا ظهرت مشاكل جديدة مثل فيضانات أو تراجع في التجدد الطبيعي.

وبحسب الدندشي يجب إشراك المجتمع المحلي في جمع المعلومات، ووضع الخطط وتحديد الإجراءات، والتنفيذ، مع العمل على تدريب وتأهيل المجتمع المحلي وإشراكه لاحقاً في إدارة الغابات وفق أسس التنمية المستدامة، ووضع استراتيجية للوقاية من حرائق الغابات نتيجة لعوامل التغير المناخي فإن احتمالات حدوث حرائق للغابات أصبحت أكثر احتمالاً والحرائق المتوقعة ستكون أكثر تدميراً نظراً لظروف الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، كما أنه من الضروري وضع خطط مستقبلية لتطوير إدارة الغابات وتضمنيها إجراءات التأقلم مع التغير المناخي.

ملاحظات وتوصيات

وأورد م. الدندشي عدداً من الملاحظات والتوصيات منها: إن حرائق الغابات وبسبب تغييرات المناخ أصبحت أكثر تواتراً ما يؤدي إلى عدم إتاحة الوقت لعملية التجدد الطبيعي لتأخذ مسارها وتصل الغابة لمرحلة النضج والتكاثر، وهذا قد يسبب حلول أنواع غازية ذات قدرة عالية على التأقلم، ما يؤدي إلى تدهور شديد للتنوع الحيوي.

وعليه، والكلام للمهندس الدندشي، لا بد من دراسة تأثيرات التغيير المناخي على الغابات واعتماد سياسات التكيف مع هذا التغيير ودمجها في خطط التعافي من حرائق الغابات، ولاحظ أن للنظام الغابي في الساحل السوري قدرة عالية على التعافي من آثار الحرائق نتيجة عمليات التأقلم الطويلة.

ويشير إلى ضرورة حفظ وإكثار بعض النباتات المهددة بالانقراض والنادرة والمهددة وراثياً من خلال تأسيس مرافق لحفظ المادة الوراثية، وتأسيس مشاتل حراجية متخصصة لإكثار الأصول الوراثية للأنواع النادرة، وتحديد حقول أمهات بذرية ذات مواصفات قياسية وترقيم الأشجار لحماية الأنواع الحراجية الناجية من الحريق كالصنوبر البروتي المهدد وراثياً والبلوط الرومي والدردار السوري، وعدم استبدال الأنواع الأساسية كالصنوبر والسنديان والبلوط.

وختاماً أشار م. الدندشي إلى ارتفاع تكاليف عمليات التحريج الصناعي مقارنة بالتجدد الطبيعي داعياً لاتباع استراتيجية تشمل الوقاية والتوعية، والتأهب والكشف المبكر والمراقبة والاستجابة والتعافي وإعادة التأهيل.

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً