الاعتدال في الأمور خيرها، وذلك في كلّ شيء، ليس في اللباس والطعام والشراب وحسب، وإنما في الحديث عن الذات، والاستماع للآخرين واللقاءات معهم، وكذلك الزيارات والتواصل.
لكن في مجتمعنا كثيراً ما نصادف من يبالغون في الأمور والأشياء والاهتمام بذواتهم، ليصل ذلك إلى حدّ التفاخر والاختيال، وإشعار الآخرين أنهم محورالكون، وأن الحياة لا تستقيم إلا بوجودهم، وغالباً ما تراهم يتحدثون عن أنفسهم وإنجازاتهم وبطولاتهم وأعمالهم ومساعدتهم المزعومة لمن حولهم.
فالحديث عن الذات، أو الأنا قد يشير في بعض الأحيان إلى محاكمة الذات والحوار الداخلي، وربما يكون إيجابياً ومفيداً في بعض الحالات، ويهدف لتشجيع من يهمه أمرهم للتوجه على الطريق القويم، لكن أن يرتفع مؤشر الأنا بشكل كبير وغير معقول، فسوف يتحول ذلك إلى حالة مرضية، ومدعاة لإثارة النقد من الآخرين، لأن ذلك الشخص، وكلما “دقّ الكوز بالجرة” سوف يقول: أنا، من دون أن يترك مجالاً لمن حوله بالحديث عنه.
وبدل أن يكون بهذه الصورة، سوف يتحول إلى حلقة من السخرية والتهكم، ومادة للتسلية والضحك، وبالتالي سوف يصل لمرحلة بسبب ذاك التهكم من انعدام الثقة، لأن الإفراط في الحديث عن الذات في بعض الأحيان كآلية تعويضية تعكس شعوراً بالنقص، وفقاً لعلم النفس الاجتماعي.
إن ذكر مزايا النفس باعتدال أمرعادي إذا دعت الحاجة، لكن أن يكون تفاخراً وتباهياً، فهو حالة مرضية واستعراضية، ويفسد الدين ويقلل بركة الأعمال، وله أبعاد خطيرة على الإنسان إذا تفاقمت لديه تلك الحالة.