الثورة – فؤاد مسعد:
بكثير من الشغف أُنجز الفيلم التسجيلي القصير “ومضة” عام 2014، في لحظة فارقة مسكونة بالخوف والقتل والعجز، كما يصفها مخرجه عمرو علي، ويوم أمس شهدت تظاهرة “أفلام الثورة السورية” العرض الأول للفيلم في سوريا، وهو الذي ينتصر للحياة عبر الفن والموسيقا والتمثيل.

بمناسبة مشاركة الفيلم ضمن التظاهرة التقت صحيفة الثورة مع المخرج عمرو علي، الذي تحدث بداية عن أهمية إقامة هذه التظاهرة اليوم، يقول:مما لا شك فيه أن لإقامة هذه التظاهرة أهمية كبرى، تتجلّى في إتاحتها الفرصة لعرض الأفلام التي صُنِعَت داخل وخارج سوريا خلال العقد الماضي، ومُنِعَت من العرض والوصول إلى الجمهور الرئيسي المعني بها نتيجة أسباب سياسية، والحالة الطبيعية لأيّ فيلم أن يُعرَض في بلده الأم وهذا ما تحقّق أخيراً بعد سنوات من التغييب والإقصاء.

– إلى أي مدى شكّل الفيلم حالة انتصار للحياة وتحدٍ وسط جبروت الحرب؟
هذا الهدف هو ما سعى فيلم “ومضة” لتحقيقه، أيّ الانتصار لإرادة الحياة خلال سنوات الحرب، عبر رصد وتوثيق تجربة مشروع “ومضة” الذي انطلق بجهود طلاب وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وعمل على نشر وترسيخ ثقافة بديلة عن ثقافة القتل والتدمير والعنف عن طريق تسخير الفنون كالموسيقا والرقص والغناء وسواها بوصفها أدوات ووسائل ترفض الحرب على طريقتها، وترفض الحلول العسكرية التي أمعنت في ترسيخ التشرذم والاصطفاف داخل المجتمع السوري، والفيلم في جوهره ليس فيلماً دعائياً، ولا يمكن حتى تصنيفه في خانة الأفلام السياسية، رغم أن مقولته واضحة وراسخة وهي باختصار إدانة آلة الحرب والقتل التي تهدم المجتمعات الإنسانية وتفتّتها.

– لماذا اختيار “ومضة” للعنوان؟
العنوان يُطابق عنوان المشروع الذي يوثّق الفيلم تجربته ويلقي الضوء على مفاصله، والومضة هي مُعادل لومضات القذائف والصواريخ، ولكنها تأتي في سياق الفيلم والمشروع، بمعنى آخر مُناقض لذلك المعنى تماماً.
– إلى أي مدى أنت مع مقولة أنه في فترة الأزمات يكون الحضور الأكثر حرارة للفيلم التسجيلي والوثائقي، لأنه ملاصق للحدث؟
أتفق تماماً مع كون الفيلم الوثائقي الأقدر على توثيق الأحداث الحيّة وتسجيلها والتعبير عنها ويعود ذلك لسببين أساسيين: الأول “فنّي”، إذ تتسم هذه النوعية من الأفلام بالحريّة والمرونة ما يجعلها أكثر حرارة وصدقاً وقدرة على تلبية احتياجات اللحظة والحدث الواقعي، والسبب الثاني يتعلّق بأسباب إنتاجية لأنها أقلّ تكلفة من الأفلام الروائية، ما يجعلها أكثر قابلية للتحقّق في أزمنة الكوارث والحروب.لقد عانى الفيلم الوثائقي السوري من التهميش لعقود طويلة لمصلحة الأفلام الروائية التي تمرّ عبر أقنية بيروقراطية مما يجعلها خاضعة كلّياً للرقابة، ويُساعد على تدجينها وكبح جماحها، ويُسّهل تحويلها نحو الدعاية والبروبوغندا، مع وجود استثناءات قليلة في سياق السينما الروائية السوريّة أفلحت في الإفلات من القبضة الأمنية وفي تمرير وجهات نظر مُستقلة، ولكنها لم تَسلَم لاحقاً من المنع والإقصاء، لذلك كان طبيعياً أن يملأ الفيلم الوثائقي ذلك الفراغ الكبير ويتفرّد في توثيق ورصد مجريات الأحداث، إذ لعبت هذه الأفلام دوراً كبيراً في نقل المأساة السوريّة إلى العالم،وإلقاء الضوء عليها وتحويلها إلى قضية عالمية مُلّحة وحاضرة بشكل دائم في معظم المهرجانات السينمائية حول العالم.