الثورة:
يخوض الرئيس أحمد الشرع منذ وصوله إلى نيويورك على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة حراكاً دبلوماسياً واقتصادياً واسعاً، يعكس سعي دمشق لتثبيت موقعها الجديد على الساحة الدولية بعد سنوات من العزلة.
استهل الشرع نشاطه بلقاء وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في اجتماع ناقش أهمية العلاقات السورية – الإسرائيلية في تعزيز الأمن الإقليمي، وجهود مكافحة الإرهاب، ومساعي تحديد أماكن أميركيين مفقودين، وأكد روبيو عبر منصة «إكس» أن اللقاء تناول الأهداف المشتركة لسوريا مستقرة وذات سيادة، وتنفيذ إعلان الرئيس دونالد ترامب التاريخي بشأن تخفيف العقوبات عن سوريا.
وفي الإطار ذاته، عقد الرئيس لقاءات متتالية مع رئيس جمهورية التشيك بيتر بافيل، ورئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره، كما اجتمع بالسيناتور جين شاهين والنائب غريغوري ميكس، والرئيسين التركي والفرنسي، في سلسلة محادثات تعكس انفتاحاً سورياً على مختلف الدوائر السياسية الغربية.
كما شارك الرئيس برفقة وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني في مؤتمر «حل الدولتين» داخل قاعة الجمعية العامة، إذ استمع إلى كلمة رئيسة الجمعية العامة أنالينا بيربوك، التي دعت إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وحذرت من أن التوسع الاستيطاني يقوّض آفاق الحل السياسي.
حضور الشرع في هذا المؤتمر يرسّخ صورة سوريا الجديدة كطرف فاعل في النقاشات الإقليمية الكبرى.
من المقرر أن يلقي الرئيس الشرع خطاباً مرتقباً يوم الأربعاء أمام الجمعية العامة، في أول مشاركة رسمية لسوريا بهذا المستوى منذ أعوام، إذ سيعرض ملامح المرحلة المقبلة وخطة بلاده لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
إلى جانب نشاطه السياسي، حضر الرئيس جلسة مائدة مستديرة مع كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين ضمن أعمال قمة «كونكورديا» الخامسة عشرة في نيويورك، وأجرى مقابلة مباشرة مع المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بترايوس، إذ أعاد التأكيد على أن قضية الشعب السوري كانت «قضية حق وقضية نبيلة» في مواجهة نظام مجرم، وأن معركة تحرير سوريا جرت بأقل الخسائر بفضل الخبرة المكتسبة في إدلب، مشدداً على أن حل المشكلات المتراكمة على مدى ستة عقود يتم بالتدرج لا بالقفزات.
في جميع لقاءاته وتصريحاته، حرص الرئيس أحمد الشرع على إبراز أن سقوط النظام السابق فتح مرحلة تاريخية جديدة في المنطقة، وأن المصالح اليوم متطابقة بين سوريا والغرب والولايات المتحدة، مع الدعوة إلى إعطاء سوريا فرصة جديدة للحياة واستكمال رفع العقوبات.
هذا الحراك المكثّف في نيويورك يعكس رغبة دمشق في الانتقال من خطاب الحرب إلى خطاب الشراكة والانفتاح، وتقديم صورة دولة تسعى للاستقرار والتنمية بعد سنوات من النزاع.