تجسيد حي لفكرة.. سوريا وطن يتسع الجميع

الثورة – رنا بدري سلوم:

البعد الثقافي الذي رآه المثقفون، لا يختلف كثيراً عن أي بعد، لكنه في مضمونه يتميز بدقة الملاحظة، حاملاً في جعبته كثيراً من الدلالات التي رآها الكتاب والأدباء، ولن أستثني الشعراء أيضاً الذين تمعنوا بكل حرف يلفظ، وكل إشارة للسيد الرئيس أحمد الشرع أثناء لقائه الجالية السورية في نيويورك.
مدير الهيئة العامة السورية للكتاب الشاعر وائل حمزة، من هؤلاء الكتاب الذين يقرؤون المشهد ببعد ثقافي وجوهري، وفي حوارنا معه أكد هذه الوجهة.. يتحدث المتابعون عن زيارة الرئيس الشرع للولايات المتحدة الأميركية، وعن انفتاح العلاقات السورية- الأميركية سياسياً واقتصادياً، ودلالات الكلمة التي ألقاها، ولكننا نحن في المؤسسات الثقافية في سوريا ننظر إلى زاوية مختلفة، زاوية الانعتاق.. فبلا شك أننا محتاجون أن نظهر الصورة الثقافية الصحيحة التي تمثلنا، والتي عمل النظام البائد جاهداً على طمسها وتشويهها على مرأى العالم وبكل وسائله الإعلامية، وهنا تأتي الزيارة وما يرافقها من فعاليات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية لتسلط الضوء على تاريخ سوريا الأدبي والتراثي والفلكلوري.
وبتفاؤل يضيف حمزة: أمامنا فرصة طيبة لنظهر للعالم من نحن تاريخياً وثقافياً وفكرياً، أما عن الجوانب الأخرى للزيارة فهي الرؤى لإعادة التبادل التعليمي والأكاديمي بين البلدين والتي ستثمر وتعود على السوريين بالنفع وفي كل الأصعدة.
يختم بالقول: الزيارة ستضم السوريين كباقة الياسمين الذي انتشر في أصقاع الأرض هجرة قسرية وتشرداً، زيارة جمعت أفئدتهم النابضة كحبل سري لم ينقطع مع بلدهم الأم سوريا، وهذا ما تابعناه عبر وسائل الإعلام مشهد استقبال الجالية السورية، ولاسيما من كان محروماً من العودة إلى بلاده ولقاء أسرته.

حلم جماعي

بنظرة المحلل والدبلوماسي السابق ينظر الدكتور زياد قدور إلى أهمية الخطوة التي تعتبر الأولى من نوعها، قائلاً: حطت طائرة الرئيس أحمد الشرع على الأراضي الأميركية، حاملةً معها ليس فقط ممثل للدولة، ولكن حلماً جماعياً لمستقبل وطن مزقته سنوات الحرب، لم تكن هذه الزيارة مجرد حضور في قاعة الأمم المتحدة للمشاركة في محفل دولي، بل كانت حدثاً استثنائياً تجاوز البروتوكولات الدبلوماسية ليلامس شغاف قلوب ملايين السوريين في الداخل والخارج، وكانت المحطة الأبرز فيها اللقاء الحميم مع أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة، الذين مثلوا بحق نسيج الوطن الواحد بكل ألوانه.
في قاعة اجتمع فيها أبناء من مختلف أطيافهم، لم يكن الحاضرون مجرد مغتربين، بل كانوا سفراءً حقيقيين لهوية سورية متنوعة لكنها موحدة.. هذا اللقاء لم يكن عادياً- والقول لقدور- لقد كان رسالة قوية إلى العالم أن الهوية السورية ليست حكراً على جغرافية محددة أو رأي سياسي واحد، لقد كان تجسيداً حياً لفكرة “الوطن” الذي يتسع للجميع.
مضيفاً: لطالما شكلت الجاليات السورية في الخارج نموذجاً فريداً للتعايش، حاملين معهم تراث بلدهم الثقافي والاجتماعي الغني، لقاء السيد الرئيس بهم، والاستماع إلى همومهم وآمالهم، لم يكن مجرد خطاب تقليدي، بل كان اعترافاً رسمياً بأهمية هذا المكون الحيوي في معادلة بناء سوريا المستقبل، إنهم جسر حي يعيد وصل ما انقطع، وهم رواد أعمال، وأكاديميون، وأطباء، وفنانون، يمكنهم أن يكونوا حجر الأساس في عملية إعادة الإعمار.

منصة العالم لرؤية جديدة

على منبر الأمم المتحدة، سيقف الرئيس السوري ليس ليؤدي خطاباً سياسياً فحسب، بل ليقدم للعالم “كلمة سوريا الجديدة”، كلمة من منطق السيادة، والوحدة، والتطلع إلى المستقبل- حسب رأي الدكتور قدور، مؤكداً أن المناسبة فرصة ذهبية لتقديم رواية مختلفة عن سوريا، بعيداً عن ضجيج الحرب، تركز على حق الشعب السوري في تقرير مصيره من دون تدخل خارجي، وعلى إرادة الدولة في المضي قدماً نحو الاستقرار وإعادة البناء.
وأكد أن الكلمة في جوهرها ستكون موجهة لكل سوري، لتؤكد أن بلده لا يزال حاضراً على الخريطة الدولية، وأن مستقبله لا يزال قابلاً للتشكيل بإرادة أبنائه.

نحو وعي وطني جامع

وأشار قدور إلى أن الرسالة الأعمق التي تحملها الزيارة هي الدعوة إلى خلق “وعي وطني جامع”، وإن الهوية السورية الجديدة التي يجب أن ننصهر فيها جميعاً، ليست هوية طائفية أو عرقية أو منغلقة على ذاتها.. بل إنها هوية قائمة على المواطنة الكاملة، والتشارك في مصير واحد.. إنها هوية ترفض أن يتم اختزالها في طرف ينتصر على آخر، بل تسعى إلى المصالحة الوطنية الشاملة التي تعترف بجراح الماضي، ولكن تنظر إلى غدٍ أفضل، مؤكداً أن هذه الهوية لا يمكن أن تفرض، بل يجب أن تنبثق من حوار وطني صادق، ويكون اللقاء مع الجالية، التي تمثل بتنوعها النموذج الأقرب لهذه الفكرة، خطوة عملية على هذا الطريق.

رحلة أمل

يختم الدكتور قدور بالقول: الزيارة هي إعلان أن سوريا، رغم كل الدمار والمعاناة، لا تزال حية في قلوب أبنائها أينما كانوا، وهي بادرة أمل أن المستقبل يمكن أن يكون مختلفاً، إذا ما تمسكنا بهويتنا الجامعة، وعملنا معاً، حكومة وشعباً في الداخل والخارج، على بناء الوطن من جديد، الطريق طويل وشاق، ولكن كل رحلة ألف ميل تبدأ بخطوة، وقد تكون هذه الزيارة التاريخية هي تلك الخطوة الأولى نحو غدٍ أكثر إشراقاً لسوريا وأبنائها.

آخر الأخبار
"سيريا بيلد" الدولي للبناء في 26 الجاري حريق حبنمرة بحمص يحوّل ١٠٠ هكتار إلى يبابٍ أسودَ 7 مليارات  ليرة.. ديون على فلاحي دير الزور.. معاناة في ظل عجز السداد بيانٌ أمميٌ في مجلس حقوق الإنسان يرحّب بجهود سوريا ويشدّد على العدالة الانتقالية السعودية وقطر توقعان اتفاق دعم جديد لسوريا بقيمة 89 مليون دولار سوريا على منبر العالم.. خطاب الرئيس الشرع يعيد دمشق إلى قلب المشهد الدولي "حفاظ النصر " تكرم 2200 حافظ وحافظة للقرآن الكريم في درعا الشرع أمام الدورة الـ 80 للجمعية العامة: سوريا تعيد بناء نفسها وتبني فصلاً جديداً عنوانه السلام والا... الرئيس الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: انتصار الحق وولادة الدولة السورية الجديدة  كلمة الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. صياغة ملامح «العقد السوري الجديد»  مدير مؤسسة الوحدة للصحافة: الرئيس الشرع خطف الإعجاب قبل الخطاب بعد نحو ستين عاماً.. سوريا تعيد بناء دورها في الأمم المتحدة في خمس دقائق لخص الرئيس الشرع حكاية سوريا سوريا ترسم طريق النهوض والبناء مواطنون: الرئيس الشرع أوجز بتقنية الخطاب فن الرسائل بأبعادها من إدلب إلى نيويورك.. الرئيس  الشرع وصياغة نسخة جديدة من الإسلام السياسي الوطني إزالة السواتر تعيد حياة إدلب الاقتصادية والزراعية التحول نحو السوق الابيض.. تعزيز الشفافية والنزاهة بالاقتصاد "ميلوني" تلتقي الشرع وتعلن انخراطها في إعادة إعمار سوريا تفاهم استشاري بين "الأشغال العامة" وشركة دولية