الثورة – إيمان زرزور:
مع بداية العام الدراسي الجديد في سوريا، لا تبدو عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة مجرد تقليد سنوي، بل هي محطة مهمة تعكس أبعاداً تربوية واجتماعية واقتصادية أعمق، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد بعد سنوات الحرب والتحديات التي تواجه واقع التعليم.
تشكل عودة الحياة إلى المدارس خطوة رمزية نحو استعادة الاستقرار المجتمعي، فالمؤسسات التربوية لم تعد فقط أماكن للتعلم، بل أصبحت فضاءً لإعادة ترميم النسيج الاجتماعي الذي تضرر بفعل الحرب، إذ يعكس حضور الطلاب إلى مقاعد الدراسة رغبة الأهالي في تمكين أبنائهم من تجاوز الصدمات النفسية، والانخراط في بيئة تعليمية توفر لهم الحد الأدنى من الأمان والاستمرارية.
ورغم الجهود الإدارية المتمثلة في الصيانة وتوزيع الكتب وتنظيم الجداول، إلا أن التحديات لاتزال قائمة، فمئات المدارس لم يزرها طلابها بسبب الدمار الذي خلفته الحرب، علاوة عن صعوبات وتحديات لوجستية وتنظيمية.
فالتأخر في الحضور وصعوبة التكيف مع الجداول الدراسية ليست سوى انعكاس لمشاكل أعمق، مثل ضعف النقل المدرسي، والضغوط الاقتصادية على الأسر، وقلة الموارد التعليمية، هذه التحديات تتطلب إصلاحاً مؤسسياً طويل الأمد وليس حلولاً آنية فقط.
إدماج برامج الإرشاد الطلابي والأنشطة الترفيهية في بداية العام ضرورة لإدراك عميق لحاجة الطلاب، خاصة الجدد والنازحين منهم، إلى دعم نفسي يساعدهم على تجاوز رهبة العودة وتخفيف آثار التجارب الصعبة، وهذا يعكس تحولاً في النظرة إلى المدرسة من كونها مؤسسة تعليمية صِرف، إلى كونها فضاءً للحماية الاجتماعية.
كما أن التحديات التي أُشير إليها، مثل ضعف الانضباط وحالات الغياب، لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق الوطني الأوسع، إذ يظل التعليم في سوريا محكوماً بضرورة إصلاح شامل للأجهزة الإدارية والأمنية والاقتصادية، حتى تصبح المدرسة جزءاً من مشروع وطني أكبر لإعادة بناء الدولة.
يمكن القول إن بداية العام الدراسي الحالي تفتح الباب أمام أسئلة كبرى: كيف يمكن تحويل المدرسة إلى رافعة للتنمية والعدالة الاجتماعية؟ وكيف يساهم التعليم في حماية الأجيال من الانزلاق نحو المجهول؟ ولعل الجواب يكمن في بناء منظومة تعليمية متماسكة، تربط بين الجانب الأكاديمي والبعد النفسي والاجتماعي، وتضع الطالب في قلب مشروع سوريا الجديدة.