الثورة – ماجدة إبراهيم:
لطالما كان الحرم الجامعي حلماً يراود آلاف الطلاب الذين أفنوا أعمارهم في طلب العلم، آملين بلحظة يخطون فيها بثبات داخل هذا الفضاء المقدس، فالجامعة ليست مجرد أبنية ومنشآت، بل هي بيئة علمية راقية، من المفترض أن تُدار وفق ضوابط تحترم قدسية التعليم وحرمة المكان.
لكن ما تعانيه جامعة دمشق اليوم من انتشار عشوائي للبسطات والبائعين داخل الحرم الجامعي وخارجه، قد يفقد الجامعة الكثير من هيبتها الأكاديمية، فقد تحولت الساحات والممرات إلى فضاءات مكتظة تعرض فيها البضائع بصورة تفتقر إلى التنظيم والاحترام، ما أدى إلى تشويه المشهد البصري والمعنوي للمكان.
تعبير الطلاب عن رفضهم لهذا الواقع كان واضحاً وصريحاً مهند عبد الهادي طالب جامعي في كلية العلوم، يرى أن ما يحدث يؤذي العين ويخدش الصورة الحضارية للجامعة، ويشير إلى أن بعض الباعة يعرضون بضائعهم على الأرصفة والممرات بشكل يعوق حركة الطلاب ويؤثر على النظام العام داخل الكليات.
الطالبة إيناس سراج أكدت بدورها أن الجامعة ليست فقط مكاناً للدراسة، بل فضاء معرفي وتفاعلي يساهم في بناء وعي الطالب وصقل شخصيته.
وتعتقد أن وجود هذه البسطات يخلق جواً من الإزعاج والارتباك، ويحدّ من حرية الحركة ويؤثر سلباً على البيئة التعليمية.
الطالب الجامعي بشار ربيع كلية هندسة مدنية، يقول: إضافة لكل بسطة للبيع هناك إزعاج من نوع آخر وهو إرفاق كل بسطة بمكبر الصوت الذي يزعج الطالب بشكل مباشر أثناء المحاضرات، فالصوت الصادر عن الباعة يشتت الانتباه ولا بسطة مقبولة إلا بسطات الكتب.
آية محمد طالبة في كلية الهندسة المعمارية عبّرت عن رفضها القاطع لوجود البائعين داخل الجامعة، مبينة أن هذا المكان مخصص لطلبة العلم والمعرفة، ولا يصح أن يتحول إلى سوق شعبية تعج بالضجيج والعشوائية.
وتؤكد أن بإمكان الباعة ممارسة عملهم خارج أسوار الحرم، من دون أن يتسببوا بعرقلة الحياة الجامعية.
وأوضحت الدكتورة في كلية الفنون الجميلة سوسن الزعبي أن ما تشهده الجامعة من تجاوزات لا يليق بمكانتها كمؤسسة تعليمية.
وترى أن الحرم الجامعي فقد الكثير من وقاره نتيجة غياب التنظيم وغياب الرقابة الجادة، وتشدد على أن الجامعة ليست مكاناً للبيع والشراء، بل فضاء للفكر والإبداع، وعلى الجهات المعنية أن تتحمل مسؤولياتها في وضع حد لهذه الفوضى.
وأضافت: في ظل هذا المشهد، تبقى الحاجة ماسة إلى تدخل فعلي يعيد للجامعة هيبتها ومكانتها، فالمكان الذي يُفترض أن يكون رمزًا للعلم والنظام، لا يجوز أن يُترك فريسة للفوضى والتعديات، وإن صون حرمة الجامعة واجب جماعي يتطلب تكاتف الجهود الإدارية والمجتمعية من أجل الحفاظ على صورة هذا الصرح التعليمي، وضمان بيئة تحترم طالب العلم وتقدّر رسالته.