أمراض الخريف عند الأطفال.. تحديات موسمية وحلول وقائية

الثورة – ميساء العجي:

مع بداية فصل الخريف من كل عام، تتبدّل الأجواء بين النهار والليل، ويغدو الطقس متقلباً بشكل ينعكس مباشرة على صحة الأطفال، وبين برودة الصباح ودفء الظهيرة، يجد كثير من الأهالي أنفسهم في مواجهة موجة من الأمراض الموسمية التي تنتشر بوتيرة متزايدة في هذا الفصل.

وفي ظل هذه التحديات، تبرز أهمية الوقاية والتوعية كخط دفاع أول يحمي الأطفال من العدوى، ويضمن لهم موسماً دراسياً أكثر أماناً.

الدكتورة هتون الطواشي- اختصاصية في طب الأطفال، تحدثت لـ”الثورة”: يوجد العديد من الأمراض الشائعة في الخريف منها، الانتانات الفيروسية التي تعتبر من أكثر الأمراض شيوعاً في هذه الفترة مثل: الرشح، والكريب، والإنفلونزا، التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي وتسبب أعراضاً مثل: العطاس، السعال، انسداد الأنف، والحمى أحياناً.

وحول جدري الماء توضح الدكتورة طواشي أنه مرض فيروسي معدٍ يظهر غالباً بين الأطفال في سن المدرسة، يتميز بطفح جلدي وحكة، ومتلازمة الفم واليد والقدم وهي من الأمراض التي تزداد في هذا الفصل، وتسبب طفحاً جلدياً مؤلماً داخل الفم وعلى اليدين والقدمين.

وتضيف: إن هذه الأمراض قد تبدو بسيطة، لكنها تترك أثراً واضحاً على حياة الأسر، إذ تضطر الأمهات أحياناً لإبقاء أطفالهن في المنزل لفترات طويلة، ما يؤثر على دراستهم وروتينهم اليومي.

عودة المدارس بيئة خصبة للعدوى

تقول د. طواشي: إن الخريف يرتبط بعودة الطلاب إلى المدارس، إذ يختلط الأطفال في صفوف مزدحمة، ويقضون ساعات طويلة معاً في أماكن مغلقة، هذا الاكتظاظ، مع ضعف الالتزام بقواعد الصحة العامة، يجعل من المدارس بيئة مثالية لانتقال العدوى بسرعة بين التلاميذ.

ويزداد الخطر بشكل خاص عند الأطفال دون سن الخامسة، إذ يصعب عليهم الالتزام التام بقواعد النظافة، مثل غسل اليدين بانتظام أو تجنب لمس الوجه، ما يزيد من قابليتهم للإصابة بالأمراض.

عوامل الخطر

ونوهت بأنه إضافة إلى التغيرات المناخية والاختلاط في المدارس، هناك عوامل أخرى ترفع من احتمالية إصابة الأطفال، منها: ضعف المناعة نتيجة سوء التغذية، وقلة النوم، والسهر لساعات طويلة، وعدم حصول الطفل على اللقاحات الضرورية في وقتها، غياب التهوية الجيدة في المنازل والمدارس.

وللحد من هذه الأمراض، يوصي الأطباء والمختصون الأهل بمجموعة من الإجراءات البسيطة والفعّال يجب الالتزام بها، كالنظافة الشخصية، تعليم الطفل غسل يديه جيداً بالماء والصابون بشكل متكرر، خاصة قبل الأكل وبعد استخدام الحمام، يعدّ الخطوة الأهم، كما يجب تشجيعه على تغطية فمه وأنفه عند السعال أو العطاس، ويفضّل أن يستخدم المرفق بدلاً من اليدين إذا لم يتوفر منديل، ومن المهم أيضاً تجنب لمس الوجه، ولاسيما العينين والأنف والفم.

التغذية المتوازنة

وعن التغذية المتوازنة تؤكد د. الطواشي أن الغذاء الصحي هو عماد جهاز المناعة، لذا يُنصح الأهل بتقديم وجبات غنية بالخضار والفواكه الطازجة، ولاسيما الحمضيات الغنية بفيتامين c إضافة إلى البروتينات، والحبوب الكاملة، كما يجب تشجيع الطفل على شرب الماء بانتظام، إلى جانب العصائر الطبيعية التي تحافظ على رطوبة الجسم.

وعن النشاط البدني تقول: إن ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية تساعد في تقوية المناعة وتحسين المزاج، ولا يقل أهمية عن ذلك تعريض الطفل لأشعة الشمس في ساعات الصباح الأولى، للحصول على جرعات كافية من فيتامين د.

كما بينت أنه مع تغير درجات الحرارة خلال اليوم، يصبح من الضروري إلباس الطفل ملابس مناسبة ومتعددة الطبقات، إذ يمكنه تعديلها وفق الطقس.

كما ينبغي الحرص على تغطية الرأس واليدين والقدمين في الأجواء الباردة، ناهيك عن ضرورة تأمين التهوية الجيدة، وفتح النوافذ يومياً، وذلك لتجديد الهواء في المنازل والمدارس، ما يقلل من تركيز الفيروسات والجراثيم في الجو، ويسهم في تقليل فرص انتقال العدوى.

الالتزام بالنصائح

وتشدد الطواشي على ضرورة النوم المبكر ولساعات كافية، وهذا يعتبر عنصراً أساسياً لنمو الطفل السليم ولتعزيز مناعته. فالسهر والإرهاق يجعلان الجسم أكثر عرضة للالتهابات والأمراض.

أيضاً، لا بدّ من التأكد من حصول الطفل على جميع اللقاحات الأساسية وفق البرنامج الوطني المعتمد في المراكز الصحية، كما يُنصح بإعطاء لقاح الإنفلونزا الموسمي للأطفال المعرضين أكثر من غيرهم للإصابة بمضاعفات خطيرة، مثل مرضى الربو والحساسية.

أما عن دور المدرسة والمجتمع، ذكرت أنه لا تقتصر مسؤولية حماية الأطفال على الأهل فقط، بل تمتد لتشمل المدارس التي يجب أن توفّر بيئة نظيفة وصحية، عبر التهوية الجيدة، وتعليم الأطفال قواعد النظافة، وتخصيص حصص توعوية مبسطة، كما يلعب المجتمع المحلي دوراً داعماً من خلال نشر التوعية وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية.

وأخيراً توضح الدكتورة الطواشي أن فصل الخريف يُعدّ فترة حساسة بالنسبة للأطفال بسبب التقلّبات الجوية وزيادة العدوى الفيروسية، وتشير إلى أنّ الأهل قادرون على حماية أبنائهم إذا التزموا بقواعد الوقاية البسيطة، لافتة إلى أن فصل الخريف فترة صعبة على الأطفال، لكن الوقاية ممكنة، فلا بدّ من غسل اليدين باستمرار، التغذية الجيدة، النوم الكافي، وإعطاء اللقاحات في وقتها، كلها خطوات بسيطة لكنها تصنع فرقاً كبيراً في صحة الطفل.

وفي النهاية يبقى فصل الخريف تحدياً صحياً للأسر السورية، لكنه أيضاً فرصة لترسيخ العادات الصحية السليمة لدى الأطفال منذ الصغر.. ليس فقط يحمي من أمراض الخريف، بل يبني جيلاً أقوى وأكثر وعياً، فإن الوقاية والرعاية هما السلاح الأقوى لضمان خريف أكثر صحة وسلامة.

آخر الأخبار
كيف نتعامل مع الفساد عبر فهم أسبابه؟ الشهر الوردي.. خطوة صغيرة تصنع فرقاً كبيراً فوضى البسطات في الحرم الجامعي.. اغتيال لصورة العلم وحرمة المكان  غموض وقلق يحيطان بالمؤقتين .. مامصيرهم بعد قرار عدم تجديد العقود؟ الغلاء في زمن الوفرة.. حين لا يصل الفلاح إلى المستهلك حملة الوفاء لكفروما أم الشهداء.. إعادة تأهيل المدارس في مرحلتها الأولى ثلاث أولويات في الخطة الزراعية حتى نهاية 2026 أسباب ارتفاع الخضار والفواكه كثيرة.. والفاتورة على المواطن الروضة.. البوابة الأولى للفطام العاطفي أمراض الخريف عند الأطفال.. تحديات موسمية وحلول وقائية كيف يصبح التدريب مفتاحاً للفرص المهنية؟ الاعتراف بالواقع وابتكار الحلول.. طريق لبناء سوريا غياب الرقابة وتمادي الشاغلين.. أرصفة حلب بلا مارة! أول برلمان في سوريا بلا "فلول" الأسد شح المياه يهدد اقتصاد درعا.. نصف الرمان والزيتون في مهب الريح الجفاف يخنق محصول الزيتون وزيته في تلكلخ تمثيل المرأة في البرلمان لا يتجاوز 3%.. والأحمد يؤكد: الرئيس الشرع سيعمل على تصويبه الجفاف وآثاره المدمرة.. ضرورة التحرك لمستقبل مستدام الهبيط المدمّرة تنتظر مزيداً من الجهود لإزالة الأنقاض وعودة الحياة دبلوماسيون يشيدون بسير الانتخابات..تنظيم وشفافية تعكسان مرحلة جديدة من الاستقرار