كيف نحمي أطفالنا من التنمر المدرسي؟

الثورة – ابتسام هيفا:

يعد التنمر من الظواهر الاجتماعية التي تزداد تعقيداً مع مرور الوقت، ويتسبب في أضرار نفسية وجسدية طويلة المدى للأطفال في البيئة المدرسية، إذ يتعرض العديد منهم إلى التنمر، سواء كان ذلك لفظياً أم جسدياً، أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

لذلك فإن دور الأسرة والمدرسة في التوعية والوقاية من التنمر بات أمراً بالغ الضرورة والأهمية.

مفاعيل نفسية

التنمر لا يقتصر فقط على إيذاء الطفل في لحظته، بل يترك مفاعيل نفسية عميقة تؤثر على حياة الطفل على المدى البعيد، إذ أظهرت الدراسات أن معظم الأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية في مرحلة البلوغ قد تعرضوا للتنمر في مرحلة الطفولة، كما أظهرت بعض الإحصائيات أن التنمر قد يكون من العوامل الرئيسية التي تساهم في حدوث حالات الاكتئاب والقلق لدى الأطفال.

فالطفل الذي يتعرض للتنمر قد يواجه صعوبة في تكوين علاقات اجتماعية طبيعية ويعاني من فقدان الثقة بالنفس، ما يجعله عرضة لمشكلات نفسية قد ترافقه طوال حياته.

صعوبات وتحديات

الاختصاصي النفسي آدم نصير أكد في حديثه لـ”الثورة” أن أهم التحديات التي تواجه الأهل والمعلمين هي أن الأطفال لا يصرحون دائماً عن تعرضهم للتنمر، موضحاً أن الطفل يخشى من الاعتراف بذلك بسبب خوفه من رد فعل الأهل أو من تهديدات المتنمرين الذين قد يستخدمون أساليب التهديد والابتزاز لإسكاتهم، وبالتالي قد لا يُكشف عن التنمر إلا بعد فترة طويلة، في وقت يكون فيه الضرر قد تعمق.

وأشار إلى أن الطفل الذي تعرض للتنمر قد يعاني من الشعور بالخجل أو العار بسبب ما يتعرض له، ما يجعله يتجنب إخبار الأهل أو المعلمين بما يحدث له، لافتاً إلى أنه في مثل هذه الحالات يتعين على الأهل أن يكونوا أكثر يقظة للتغيرات السلوكية أو النفسية التي تطرأ على أطفالهم.

الحماية من التنمر

وبين الاختصاصي نصير أنه من المهم أن يتبنى الأهل في حياتهم اليومية منهجاً يساعد الأطفال على بناء الثقة بأنفسهم، كاشفاً أهمية أن ينشأ الطفل في بيئة تدعمه وتمنحه الاحترام، إذ يصبح أقل عرضة لأن يكون هدفاً للتنمر، لذا يجب على الأهل تعزيز مشاعر الفخر والاعتزاز لدى الطفل بشكل مستمر، مع تجنب النقد المفرط أو التقليل من شأنه، مضيفاً: إن هذا النوع من الدعم يساعد الطفل على مواجهة التحديات بثقة ووعي.

وأضاف: إن تعليم الطفل كيف يدافع عن نفسه أمر أساسي، إذ يجب على الأهل أن يوضحوا لأطفالهم أن التنمر ليس أمراً مقبولاً، وأن لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم بطرق غير عدوانية، لافتاً إلى أن إعطاء الطفل الأدوات التي تمكنه من التحدث بحزم وثقة عن مواقف التنمر هو خطوة مهمة في تمكينه من التعامل مع هذه المشكلة عند حدوثها.

وأوضح الاختصاصي النفسي نصير أن مسؤولية مواجهة التنمر لا تقتصر على الأسرة فحسب، بل يجب على المدرسة أن تكون شريكاً في هذا الأمر، مبيناً أنه من الضروري أن يكون هناك نظام واضح في المدرسة للتعامل مع حالات التنمر، أيضاً يجب أن توفر المدرسة بيئة آمنة للأطفال مع تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل بين الطلاب والمعلمين، بالإضافة إلى أنه يجب على المعلمين أن يكونوا مدربين بشكل جيد لتحديد علامات التنمر، واتخاذ الإجراءات المناسبة بشكل سريع وفعّال.

بيئة تعليمية آمنة

من جانبه أكد اختصاصي في علم النفس التربوي الدكتور أحمد صالح أن التنمر له آثار بعيدة المدى على الطفل في حال لم يتم التدخل مبكراً، مشيراً إلى أن التنمر قد يتسبب في مشكلات نفسية مستمرة مثل فقدان الثقة بالنفس، العزلة الاجتماعية، وربما الاكتئاب المزمن.

ورأى الدكتور صالح أن المدرسة تلعب دوراً محورياً في مكافحة التنمر، مشيراً إلى أنه على الرغم من أهمية دور الأسرة في توعية الطفل، إلا أن المدرسة هي المكان الذي يقضي فيه الطفل وقتاً طويلاً، موضحاً أن توفير بيئة تعليمية آمنة ومبنية على الاحترام والتعاون أمر لا غنى عنه.

حلول فعّالة

إن التنمر يعد ظاهرة معقدة تتطلب جهوداً مشتركة من الأهل والمدرسة والمجتمع ككل، يمكن للأطفال الذين يتعرضون للتنمر أن يتغلبوا على هذه التجربة إذا تم تقديم الدعم المناسب لهم في الوقت المناسب، من خلال التحلي بالوعي وتطبيق استراتيجيات فعّالة للتوعية والحماية.. ومن خلال هذه الجهود، يمكن تقليل تأثير التنمر على الأطفال، وضمان نموهم النفسي والاجتماعي بشكل صحي وسليم، فالمسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً لخلق بيئة آمنة تحمي الأطفال من هذه الظاهرة، وتساعدهم على التفاعل مع الآخرين بثقة واحترام.

آخر الأخبار
الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ بعد غياب أربعة أيام.. التغذية الكهربائية تعود لمدينة جبلة وريفها حدائق حمص خارج الخدمة.. والمديرية تؤكد على العمل الشعبي سوريا في صلب الاهتمام والدعم الخليجي - الأوروبي كوينتانا: معرفة مصير المفقودين في سوريا "مسعى جماعي" العمل عن بعد.. خطوة نحو إدارة عصريّة أكثر مرونة "كوتا" باردة في مشهد ساخن.. كيف غابت النساء عنه؟ مشاريع جديدة للطاقة المتجددة.. بين الطموح والقدرة على التنفيذ